في الهواء الطلق. ويجب أن تكون هذه القوة على الدوام حسنة التجهيز والتدريب، كما يجب أن تكون هي آخر خط للدفاع القوي الثابت عن الجمهورية. وقبلت الحكومة هذا المشروع بعد تردد طويل، وعهدت إلى مكيفلي أن ينفذه. فلما كان عام ١٥٠٨ قاد حرسه الوطني إلى حصار بيزا، حيث أظهر براعة فائقة، وسلمت له بيزا، وعاد مكيفلي إلى فلورنس وقد بلغ ذروة مجده.
وأرسل في بعثة أخرى إلى فرنسا (١٥١٠)، اجتاز فيها سويسرا، وأثار حماسته الاستقلال المسلح لدولة سويسرا الاتحادية، واتخذها مثلاً أعلى يريد أن يحققه لإيطاليا. ولما عاد من فرنسا أدرك المشكلة التي تواجهها بلاده: كيف تستطيع إماراتها المتفرقة أن تتحد لتدافع عن إيطاليا إذا ما قررت دولة متحدة مثل فرنسا أن تستولي على شبه الجزيرة بأجمعها.
وجاءت التجربة الكبرى لحرسه الوطني قبل الأوان. ذلك أن يوليوس الثاني قد استشاط غضبا من فلورنس لأنها رفضت الانضمام إليه في طرد الفرنسيين من إيطاليا، فأمر جيوش الحلف المقدس في عام ١٥١٢ أن تسقط حكومة الجمهورية وتعيد آل ميديتشي إلى العرش. وهزم حرس مكيفلي الوطني الذي عهد إليه الوقوف في خط الدفاع الفلورنسي عند براتو Prato وولى رجاله الأدبار أمام جنود الحلف المدربين. واستولى جنود الحلف على فلورنس، وانتصر آل ميديتشي، وفقد مكيفلي سمعته ومنصبه الحكومي، وبذل كل ما في وسعه لاسترضاء المنتصرين؛ وكان يسعه أن ينجح، لولا أن شابين متحمسين دبرا مؤامرة لإعادة الجمهورية، فاكتشف أمرهما، ووجد بين أوراقها ثبت يحتوي أسماء أشخاص يعتمدان على تأييدهم، ومن بينها اسم مكيفلي؛ فألقى القبض عليه، وعذب أربع دورات على العذراء؛ ولكنهم لم يجدوا دليلا على اشتراكه في المؤامرة فأطلق سراحه. وخشى مكيفلي أن يقبض عليه مرة أخرى، فانتقل هو