الأخص كل أمير حديث العهد بالإمارة. ومن أجل هذا أهديه إلى فخامة جوليانو … (في ديسمبر سنة ١٥١٣)(٧٦).
ونرجح أن مكيفلي قد اختصر القصة بقوله هذا. والظاهر أنه بدأ بوضع كتابه المسمى أحاديث عن العشرة الكتب الأولى للبغي، وأنه لم يتم شروحه للثلاثة الأولى منها. وقد أهدى هذه الأحاديث Discorsi إلى دسانوبي بونديلمنتي Zanobi Bunodelmonti وكوزيمو رتشيلي Cosimo Rucelli وقال: "أبعث إليك بأعظم هدية أقدمها لك. لأنها تشمل كل ما تعلمته بالتجربة الطويلة والدراسة المستمرة. ويشير إلى أن آداب القدامى وقانونهم وطبعهم قد بعثت من جديد ليستنير بها المحدثون في كتاباتهم وأعمالهم؛ وهو يقترح كذلك بعث مبادئ الحكمة القديمة، وتطبيقها على السياسة المعاصرة. وهو لا يستمد فلسفته السياسية من التاريخ، ولكنه يختار من التاريخ حوادث تؤيد النتائج التي قادته إليها تجاربه وأفكاره. ويأخذ أمثلته كلها تقريباً من ليفي، وتؤدي به سرعته أحياناً إلى إقامة حججه على الأقاصيص، ويستعين في بعض الأحيان بمقتبسات من بوليبيوس Polybius.
ولما سار بعض الخطى في أحاديثه أدرك أنها ستطول أكثر مما يجب، وأنها لن تتم إلا بعد زمن طويل، فلا تفيد في أن تكون هدية عملية لأحد الحاكمين من آل ميديتشي. لهذا قطع عمله ليكتب خلاصة تضم ما وصل إليه من النتائج، لأن هذه تتاح لها فرصة لقراءتها أفضل من البحث المطول، وتكون أعود عليه بصداقة الأسرة القوية التي تحكم وقتئذ (١٥١٣) نصف إيطاليا. وهكذا وضع كتاب الأصول II principe ( وهو العنوان الذي اختاره له) في عدد قليل من شهور هذا العام. وكان ينوي إهداءه إلى جوليانو دي ميديتشي، الذي كان يحكم فلورنس في ذلك الوقت، ولكن جوليانو توفي (١٥١٦)، قبل أن يصمم مكيفلي على إرسال الكتاب إليه، ولهذا غير صيغة الإهداء وبعث به إلى لورندسو، دوق أربينو؛ الذي