وأراد مكيفلي أن يجرب حظه في القصص فكتب قصة تعد من أحب الروايات للشعب في إيطاليا، وهي قصة بيلفاجور أرتشديافولو Belfagor arcidiavolo، التي تفيض بالفكاهة والهجاء يصبهما على الزواج. ثم تحول بعدئذ إلى كتابة المسرحيات، فألف أهم مسلاة ظهرت على مسرح النهضة الإيطالي وهي مسرحية مندراجولا Mandragola. وتضرب مقدمة هذه الرواية نغمة جديدة إذ يجامل فيها النقاد مجاملة لا عهد لهم بها من قبل:
"إذا شاء أحد أن يبعث الخوف في قلب المؤلف بالقدح فيه، فإني أحذره بأن المؤلف أيضاً يعرف كيف يقدح، بل إنه بارع في هذا الفن، وأنه لا يحترم أحداً في إيطاليا وإن كان ينحني ويتذلل لمن هم أحسن لباساً منه (٨٣) ".
والمسرحية تكشف عن أخلاق عصر النهضة كشفاً يروع الإنسان ويذهله. والمكان الذي تقع فيه حوادثها هو مدينة فلورنس، ومضمونها أن كليماكو Callimaco يسمع إنساناً يعرفه يمتدح جمال لكريدسيا زوجة نتشياس فيقرر أنه لابد من أن يغويها؛ وإن لم يكن قد رآها من قبل، وإن لم يكن يقصد بإغوائها إلا أن ينام هادئاً مستريح البال. ويقلقه أن لكريدسيا تشتهر بتواضعها بقدر ما تشتهر بجمالها، ولكن أمله يقوى حين يقال إن نتشياس يألم من أنها لا تحمل. ويرشو كليماكو صديقاً لكي يقدمه لنتشياس على أنه طبيب، ويدعى أنه سيخلط له مزيجاً يجعل في مقدور أية امرأة أن تحمل، ولكنه يعرف مع الأسف الشديد أن أي رجل يضاجعها بعد أن تتناوله سيموت بعد قليل، ويعرض عليه أن يقوم بهذه المغامرة المهلكة، ويرضى نتشياس أن يحل محله متبعاً في ذلك طيبة الخلق التقليدية التي يتصف به أشخاص القصص لمبتكريهم. غير أن لكريدسيا تناضل عن عفتها؛ وتتردد في أن ترتكب جريمتين في ليلة واحدة هما جريمة الزنا والقتل لكن الرجاء لن يخيب كله، ذلك أن أمها، في حرصها الشديد على أن يكون