لابنتها خلف، ترشو راهباً فينصحها أثناء اعترافها بأن تنفذ الخطة؛ وتخضع لكريدسيا، وتشرب الدواء، وتنام مع كليماكو، وتحمل. وتختتم القصة خاتمة سعيدة لكل أشخاصها: فالراهب يطهر لكريدسيا، ويبتهج نتشياس لأنه أصبح له ولد مشكوك في بنوته، ويستطيع كليماكو أن ينام. والمسرحية ممتازة في بنائها، بديعة في حوارها، قوية في هجائها. وليس الذي يثير دهشتنا فيها هو ما موضوع الإغواء، الذي طالما رددته المسالي القديمة حتى مللناه، وليس هو ما تحتويه من تفسير الحب تفسيرا جسدياً شهوانياً، بل هو المحور الذي تدور عليه وهو استعداد الراهب لان يحلل الزنا نظير خمسة وعشرين دوقة؛ إن المسرحية قد مثلت في عام ١٥٢٠ بنجاح عظيم أمام ليو العاشر. وقد بلغ من سرور البابا بها أن طلب إلى الكردنال جويليو ده ميديتشي أن يعهد إلى مكيفلي بعمل من نوع التأليف فاقترح جويليو أن يكون هذا العمل هو كتابة تاريخ لفلورنس وعرض عليه في نظير ذلك ثلاثمائة دوقة (٣. ٧٥٠؟ دولاراً).
وكتب التاريخ فعلاً (١٥٢٠ - ١٥٢٥) وكاد يحدث في فن كتابة التاريخ ثورة لاتقل حدة عن الثورة التي أحدثها في الفلسفة السياسية كتاب الأمير. ولسنا ننكر في الكتاب عيوب أساسية خطيرة: ذلك أن السرعة التي صدر بها جعلته عديم الدقة، وأنه نقل فقرات كبيرة عن المؤرخين السابقين، وأن النزاع بين الأحزاب كان يلقى فيه من الاهتمام أكثر مما تلقاه الأنظمة، وأنه أغفل التاريخ الثقافي إغفالا تاماً، كما أغفله المؤرخون كلهم تقريباً قبل أيام فلتير. ولكنه كان أول تاريخ كبير كتب باللغة الإيطالية؛ وكانت لغته الإيطالية هذه واضحة، جزلة، خالية من التعقيد؛ وقد رفض الخرافات التي كانت فلورنس تجمل بها منشأها؛ وتخلى عن الطريقة المألوفة القديمة وهي تأريخ الحوادث سنة فسنة، وعمد بدلا منها إلى الرواية المنسجمة المتصلة المنطقية؛ ولم يكن يعالج الحوادث