ليو العاشر على كرسي البابوية، واتحدت فلورنس وروما تحت سلطان آل ميديتشي بعد أن ظلتا عدوتين زمناً طويلاً، ولما أن بدل مكيفلي صيغة إهداء كتابه فجعلها للورندسو، دوق أربينو، كانت هذه الدولة أيضاً قد سقطت في يد آل ميديتشي، ولم يكن الدوق الجديد قد تجاوز الرابعة والعشرين من عمره في عام ١٥١٦، وكان قد أظهر غير قليل من الطموح والبسالة؛ وكان من حق مكيفلي أن نسامحه إذا نظر إلى هذا الشاب المتهور على أنه هو الذي يستطيع بهداية ليو ودبلوماسيته (واتباع تعاليم مكيفلي) أن يحقق ما بدأه سيزارى بورجيا بإرشاد ألكسندر السادس- أي أن يقود الدول الإيطالية، أو في القليل الدول الواقعة منها شمال نابلي مع استبعاد دولة البندقية المتكبرة، بعد ضمها في اتحاد له من القوة ما يفل عزيمة الغزاة الأجانب. ولدينا من الشواهد ما يدل على أن هذا كان أمل ليو أيضاً. وإن إهداء كتاب الأمير لآل ميديتشي ليدل على أن المؤلف كان يظن مخلصاً أن هذه الأسرة هي التي يمكن أن تحقق وحدة إيطاليا. وإن كان الغرض الأول من هذا الإهداء في أغلب الظن هو أن يكون وسيلة لإيجاد منصب بها يشغله مؤلفه.
وكان شكل كتاب الأمير هو الشكل التقليدي المألوف: فقد أفرغ في القالب الذي أفرغت فيه مائة من الرسائل في العصور الوسطى خاصة بحكم الأمراء، وسار على الطريقة التي اتبعت في هذه الرسائل. أما في محتوياته فقد كان ثورة لا شك فيها. فلم توجه في الكتاب دعوة مثالية إلى أمير من الأمراء ليكون قديساً، ولم يطلب إليه أن يطبق ما جاء في موعظة الجبل على مشاكل العروش. بل نراه على عكس ذلك يقول:
"لما كنت أقصد أن أكتب شيئاً يفيد من يفهمه، فإنه يبدو لي أن أتبع حقيقة الأمور الصحيحة من أن أجري وراء الخيال. لقد صور كثيرون جمهوريات وإمارات لم تعرف أو تر في يوم من الأيام، لأن البعد شاسع