للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدين، نستطيع أن نثبته بما نضربه من مئات الأمثال. فها هو ذا بترارك نفسه الذي بقي مخلصاً لدين المسيح إلى آخر أيام حياته، والذي صور ما في دير الكرثوزيين، الذي كان يعيش فيه أخوة، من نظام وتقى في صورة طيبة مستحبة، ها هو ذا يندد أكثر من مرة بأخلاق رجال الدين المقيمين في أفنيون. وإن الحياة الخليعة التي كان يحياها رجال الدين الإيطاليون، والتي نقرأ عنها في روايات بوكاتشيو المكتوبة في القرن الرابع عشر إلى روايات فلتشيو في القرن الخامس عشر، إلى روايات بنديتلو في القرن السادس عشر، إن هذه الحياة الخليعة موضوع يتكرر وصفه في الأدب الإيطالي فبوكاتشيو يتحدث عما في حياة رجال الدين من دعارة وقذارة ومن انغماس في الملذات طبيعية كانت أو غير طبيعية (٦). ووصف ماستشيو الرهبان والإخوان بأنهم "خدم الشيطان". منغمسون في الفسق واللواط، والشره، وبيع الوظائف الدينية، والخروج على الدين، ويقر بأنه وجد رجال الجيش أرقى خلقاً من رجال الدين" (٧).

وها هو ذا أريتينو الذي لم يتورع عن أية قذارة يسخر من الطابعين بقوله إن أخطاءهم لا تقل عن خطايا رجال الدين؛ ويزيد على ذلك قوله: "والحق أنه لأسهل على الإنسان أن يعثر على روما مستفيقة عفيفة من أن يعثر على كتاب صحيح" (٨) وديكا بجيو Poggio يفرغ كل ما عرفه منن ألفاظ السباب في التشنيع على فساد أخلاق الرهبان والقسيسين، ونفاقهم، وشرههم، وجهلهم وغطرستهم (٩). وبقص فولينجو Folengo في كتاب أرلندينو Oriandino هذه القصة نفسها؛ ويبدو أن الراهبات، ملائكة الرحمة في هذه الأيام؛ كان لهن نصيب، في هذا المرح، أو أنهن كن مرحات رشيقات في البندقية بنوع خاص حيث كانت أديرة الرجال والنساء متقاربة قرباً يسمح لمن فيها بالاشتراك من حين إلى حين في فراش واحد. وتحتوي سجلات الأديرة على عشرين مجلداً من المحاكمات بسبب الاتصال الجنسي بين الرهبان والراهبات (١٠). ويتحدث أريتينو عن راهبات البندقية حديثاً لا تطاوع الإنسان نفسه على أن