أنواعها من قبيل الربا، وكان الواعظون ينددون بهذا العمل، وحرمته أحياناً بعض المدن- مثل بياتشندسا- وأنذرت من يمارسه بالحرمان من القربان المقدس ومن الدفنة المسيحية عند مماته. ولكن إقراض المال بالفائدة ظل يجري في مجراه، لأن هذه القروض لم يكن منها بد في الأعمال الاقتصادية، التجارية والصناعية، الآخذة في الاتساع. وسنت القوانين تُحرِم أن يزيد سعر الفائدة على عشرين في المائة، ولكننا مع ذلك نسمع عن حالات بلغ فيها هذا السعر ثلاثين في المائة. وكان المسيحيون ينافسون اليهود في عقد القروض، حتى لقد شكا مجلس فيرونا البلدي من أن المسيحيين يفرضون على المدينين شروطاً أقسى مما يفرضه اليهود (٧١). غير أن غضب الشعب قد حل أشده على اليهود، وكثيراً ما أدى إلى أعمال العنف الموجهة إلى الساميين. وواجه الرهبان الفرنسيس هذه المشكلة وحاولوا تخفيف العبء عن أشد المدينين بؤساً بإنشاء أرصدة الإحسان ( Momnti di Pieta) ومعناها الحرفي (أكوام الإحسان) جمعوها من الهبات والوصايا ليقرضوا منها المحتاجين، وكانوا في أول الأمر يقرضونهم يغير فائدة. وكان أول رصيد من هذا النوع هو الذي أنشئ في أرفينو عام ١٤٦٣؛ ولم تلبث كل مدينة كبيرة أن حذت حذوها؛ وتطلب ازدياد مقدار هذه الأرصدة تخصيص بعض المال لإدارتها والإشراف عليها؛ فما كان من مجلس لاتران الخامس الذي عقد في عام ١٥١٥ إلا أن منح الرهبان الفرنسيس الحق في أن يفرضوا على كل قرض ما يكفي من المال لتغطية نفقات الإدارة والإشراف. وسار بعض رجال الدين في القرن السادس عشر على هذه السنة نفسها فأجازوا أخذ فائدة معتدلة على القروض (٧٢). ثم أخذ سعر الفائدة ينخفض انخفاضاً سريعاً في القرن السادس عشر بفضل منافسة أرصدة الإحسان، وأكثر من هذا في أغلب الظن بفضل ازدياد مهارة رجال المصارف المحترفين ومنافستهم للأفراد المقرضين.