كلهم من أبناء الأسر العريقة، ولم يقتل من الثيران إلا أحد عشر ثوراً (٩٥). وتكررت هذه المباريات في روما وسينا، ولكنها لم تستهو الدوق الإيطالي في يوم من الأيام، وكان سباق الخيل أحب منها إلى الشعب، وكان يثير حماسة أهل روما وسينا وفلورنس على السواء. وتنتهي المباريات بصيد الحيوان والطير بالبزاة، وسباق الجري، وسباق الزوارق، والملاكمة، وبها يحتفظ الإيطاليون بشجاعتهم أفراداً؛ أما من حيث هم جماعة فقد كانوا يكلون أمر الدفاع عن مدنهم إلى الجنود الأجانب المرتزقين.
ويمكن القول بوجه عام إن الحياة كانت ممتعة مبهجة بالرغم مما فيها من كدح وأخطار، ومما تتسم به من رهبة ومخاوف، منها ما هو طبيعي ومنها ما هو وهمي وخرافي. وكان سكان المدن يستمتعون بالانتقال إلى الريف رجالا وركبانا، وإلى ضفاف الأنهار وشواطئ البحار؛ وكانوا يزرعون الأزهار ليزينوا بها بيوتهم وأنفسهم، وينشئون إلى جوانب بيوتهم الريفية حدائق غناء ذات أشكال هندسية بديعة. وكانت الكنيسة سخية على الأهلين باعيادها، كما كانت الدولة تضيف إلى هذه الأعياد الدينية أعياداً مدنية. فكانت أعياد المياه تقام على بحيرات البندقية ومياهها الضحلة، وعلى مياه نهر الأرنو في البندقية، ونهر منتشيو في مانتوا, وتشينو في ميلان. وفي بعض الأيام الخاصة كانت مواكب فخمة تسير في شوارع المدن مصحوبة بالمركبات والأعلام، وضع الفنانون ذوو الشهرة العالمية تصميمها لنقابات الحرف. وكانت الفرق الموسيقية تعزف في هذه المواكب، والبنات الحسان يغنين ويرقصن، وأعيان المدينة يسيرون فيها؛ حتى إذا جن الليل أطلقت الألعاب النارية تشق أجواء الفضاء بأشكالها العجيبة وتختفي في طبقات الجو العليا. وفي يوم سبت النور في فلورنس يؤتى بثلاث قطع من الظران جيء بها من الضريح المقدس في بيت المقدس لتوقد شريطاً يضيء شمعة تدفعها فوق سلك يمامة صناعية حتى تصل إلى الصواريخ الموضوعة في عربة اتخذت رمزاً