واحدة، من الانغماس في الذنوب والتحرر من قيود الأخلاق أكثر مما سمعته يقال في تسعة أيام عن بلدتنا النبيلة لندن. لقد رأيت هناك أن في مقدور المرء أن يرتكب الخطايا دون أن يتعرض للعقاب ودون أن يهتم بخطاياه أي إنسان، وقد أوتي من الحرية في ارتكابها بقدر ما أوتي ساكن لندن من حرية في أن يختار دون لوم أن يلبس حذاء أو خفاً (١١٢).
وهو يورد من الأمثال السائرة قولهم "إن الإنجليزي المتطلين هو الشيطان المجسد".
وإنا لنعرف عن فساد إيطاليا أكثر مما نعرفه عن فساد ما وراء الألب لأنا نعرف عن الأولى أكثر مما نعرف عن الثانية، ولأن غير رجال الدين من الإيطاليين لم يحاولوا قط أن يخفوا فسادهم، بل إنهم في بعض الأحيان ألفوا الكتب للدفاع عن هذا الفساد. على أننا نعود فنقول إن مكيفلي الذي ألف كتاباً من هذا النوع كان يرى أن إيطاليا "أكثر فساد من كل ماعداها من الأقطار، ثم يليها في ذلك الفرنسيون ثم الأسبان"(١١٣). وكان يعجب بالألمان والسويسريين ويقول إنهم لايزالون يتصفون بكثير من فضائل الرجولة التي كانت لأهل روما القديمة. وفي وسعنا أن نقول بشيء من الحذر والتردد أن إيطاليا كانت أكثر من غيرها فساداً لأنها كانت أكثر ثراء، وأضعف حكما، وأقل خضوعا لسلطان القانون، وإنها كانت أكثر رقيا في ذلك التطور الذهني الذي يؤدي في العادة إلى التحلل من القيود الأخلاقية.
ولقد بذل الإيطاليون جهوداً مشكورة في مقاومة ذلك الانحلال. وكانت أقل هذه الجهود ثمرة هي قواعد النفقات التي وضعت في الدول الإيطالية كلها تقريباً والتي كانت تحرم الإسراف في الإنفاق على الملابس المتبهرجة، غير ما كان يتصف به الرجال والنساء من زهو وخيلاء كان أقوى من قوة القانون. وكان البابوات ينددون بالفساد الخلقي، ولكن