وهكذا تبدلت الحال عما كانت في العصور الوسطى؛ فقد كانت فنون الدفاع في تلك الأيام متقدمة على وسائل الهجوم، وكان هذا سبباً في عدم تشجيع الحروب. أما الآن فقد أخذت أساليب الهجوم تتقدم على أساليب الدفاع، وأصبحت الحرب من ثم أكثر سفكاً للدماء. وثمة نقطة أخرى عظيمة الخطر: تلك هي أن حروب إيطاليا قلما كانت حتى ذلك الوقت تشغل أهلها أنفسهم، وكانت تلحق الأذى بحقولهم أكثر مما تلحقه بأرواحهم؛ أما الآن فقد قدر لهم أن يروا إيطاليا كلها يحل بها الدمار وتخضب أرضها بالدماء؛ وعرف السويسريون في تلك الحرب التي دامت طوال العام ما تنطوي عليه سهول لمباردي من خصب ونماء، وطالما غزوها بعدئذ المرة بعد المرة. وأدرك الفرنسيون أن إيطاليا منقسمة ومشتتة وأنها تنتظر المغير الفاتح. نعم إن شارل الثامن قد ألقى بنفسه في أحضان العاشقات، وكاد يمتنع عن التفكير في نابلي، ولكن ابن عمه ووريثه كان أصلب منه عوداً، وما لبث لويس الثاني عشر أن عاود الكرة.