بشجاعته ومجازفته في القتال، وحتى الملك نفسه قاتل قتال الأبطال. وكانت المعركة غير حاسمة ادعى فيها كلا الطرفين أنه هو الظافر، وخسر الفرنسيون قافلة مؤنهم ولكنهم ضلوا المسيطرين على الميدان، ولما جن الليل تقدموا نحو أستى دون أن يلقوا مقاومة، وفيها كان ينتظرهم لويس دوق أورليان الثالث ومعه المدد، وفي شهر أكتوبر عاد شارل إلى فرنسا بعد أن خسر الكثير من سمعته ولكنه لم يصب بأذى شديد.
وكانت النتائج الإقليمية لهذه المعركة تافهة: أهمها أن جندسالو Gonzalo " القائد العظيم" طرد الفرنسيين من نابلي وكلبريا، وأعاد أسرة أرغونة إلى عرشها في شخص فيديريجو Federigo الثالث (١٤٩٦). أما النتائج البعيدة لهذا الغزو فقد تجاوزت كل حد. فقد أثبت تفوق الجيش القومي على الجنود المرتزقة المأجورة، ويستثنى من هذا الحكم العام الجنود السويسريون المرتزقون وإن يكن هذا الاستثناء مؤقتاً قصير الأجل. ذلك أن أولئك الجنود السويسريون المسلحين بالحراب البالغ طولها ثماني عشرة قدماً والمنظمين في فرق متراصة متلاصقة كانت سداً منيعاً شائكاً أمام الفرسان الزاحفين. ولهذا قدر لأولئك الجنود أن يكسبوا كثيراً من الوقائع. ولكن هذه القوة الهائلة التي أعادت إلى الذاكرة صفوف المقدونيين المتراصة في حروب الإسكندر الأكبر لم تلبث أن أضحت عديمة الجدوى أمام تقدم المدفعية. ولعل هذه الحرب هي التي حدث فيها لأول مرة أن وضعت المدافع على العربات فأمكن بذلك توجيهها بسهولة في الاتجاهات المختلفة وتغيير مدى مرماها. وكانت هذه العربات تجرها الخيول لا الثيران (كما كانت العادة في إيطاليا حتى ذلك الوقت). وقد جاء الفرنسيون إلى الميدان- كما يقول جوتشيارديني- بعدد كبير من "مدافع الميدان والمدافع المدمرة التي لم تر إيطاليا مثيلا لها من قبل"(٣). وقاتل الفرسان الفرنسيون أحفاد أبطال فرواسار، قتال الأبطال في فورنوفو، ولكن الفرسان أيضاً ما لبثوا أن خضعوا للمدافع.