للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السابق؛ يضاف إلى هذا أن جميع مناصب الدولة قد أعطيت للفرنسيين، ولم يكن شيء يستطاع الحصول عليه منهم إلا إذا قدم لهم من الرشاوى ما أغضب الأهلين لتجاوزه القدر الذي اعتادوا تقديمه. ثم أن جيش الاحتلال أضاف الإهانة إلى الأذى بما كان يظهره من احتقاره للشعب الإيطالي، فلم تمض إلا أشهر قليلة حتى خسر الفرنسيون ما قوبلوا به من ترحيب واستبدلوا به كرها يتربص بهم الدوائر، ويترقب الفرصة التي تتاح له لطرد الغزاة.

فلما كان اليوم الحادي والثلاثون من شهر مارس انضم الإسكندر الرجل المرن الذي لا يكاد يتلقى الطعنة حتى يفيق منها، ولدوفيكو التائب النادم على ما فعل، وفرديناند الغضوب، ومكسمليان الغيور الحسود، ومجلس شيوخ البندقية الحذر، انضم هؤلاء في حلف للدفاع المشترك عن إيطاليا. ومضى شهر على الملك شارل وهو يجوس خلال نابلي يمسك الصولجان بإحدى يديه ويمسك بيده الأخرى كرة- نظنها تمثل الكرة الأرضية- قبل أن يدرك أن الحلف الجديد يعد جيشاً لقتاله. وفي الحادي والعشرين من مايو عهد أمر نابلي إلى ابن عمه كونت مونبنسييه Montpensier وزحف على رأس نصف جيشه نحو الشمال، فلما وصل ذلك الجيش البالغ عدده عشرة آلاف مقاتل إلى فورنوفو Fornovo القائمة على نهر تارو من أملاك بارما وجد أن جيشاً عدته أربعون ألف رجل بقيادة جيان فرانتشيسكو جندساجا مركيز مانتوا يسد عليه الطريق. وفي الخامس من يوليه سنة ١٤٩٥ امتحنت قوة الجيوش الإيطالية والفرنسية وخططهما العسكرية لأول مرة. وأساء جندساجا إدارة المعركة وإن كان قد حارب ببسالة. فلم يشترك في القتال إلا نصف جنده؛ لم يكن الإيطاليون مستعدين من الناحية العقلية لقتال محاربين لا يرحمون من يقع في أيديهم، فولى الكثيرون منهم الأدبار؛ وضرب فارس بايار وهو صبي في العشرين من عمره أروع المثل لرجاله