السجين البابوي (وكان يمكن استخدامه مطالباً بالسلطنة وخليفة إذا ما سير حمله ضد الأتراك)، وأن يصحبه سيزارى بورجيا ليكون رهبنة لديه. ووافق الإسكندر على هذه الشروط، وزحف الجيش نحو الجنوب (٢٥ يناير سنة ١٤٩٥)، لكن بورجيا لم يلبث أن فر، وكان في وسع الإسكندر بعد فراره أن يعدل خططه الدبلوماسية.
وفي الثامن والعشرين من فبراير دخل شارل نابلي دخول الظافرين دون أن يلقى مقاومة. وسار في المدينة ومن فوقه مظلة من القماش الموشى بخيوط الذهب يحملها أربعة من أعيان نابلي. ويتلقى تحيات الجماهير. وأظهر رضاءه وتقديره بأن خفض الضرائب وعفا عمن قاوموا مجيئه؛ وأقر نظام الاسترقاق بناء على طلب الأعيان الذين كانوا يحكمون الأرض الواقعة وراء المدينة. وظن أن الأمن قد استتب له فأصبح آمناً مطمئناً، فتوانى وعمد إلى الراحة والاستمتاع بجو البلدة ومناظرها الجميلة، وكتب بلهجة حماسية إلى دوق بوربون يصف الحدائق التي كان يعيش في وسطها، والتي لا ينقصها إلا حواء كي تصبح جنة النعيم؛ وأبدى دهشته مما في المدينة من عمائر، وتماثيل، وصور زيتية، وأعتزم أن يأخذ معه إلى فرنسا طائفة ممتازة من الفنانين الإيطاليين؛ وإلى أن يحين ذلك الوقت بعث إلى فرنسا بسفينة محملة بالتحف الفنية المسروقة من المدينة. وسحرته نابلي بجمالها فأنسته كل شيء عن بيت المقدس وعن حربه الصليبية.
وبينما هو يلهو ويضيع الوقت سدى في نابلي، وبينما كان جيشه يستمتع نساء الشوارع والمواخير، فيصاب "بالمرض الفرنسي" أو ينشر هذا الداء الوبيل بين الأهلين، كانت المتاعب تتجمع من خلفه. ذلك أن أعيان نابلي حرموا في كثير من الحالات من ضياعهم التي انتزعت منهم لترد إلى ملاكها من أسرة أنجو أو للوفاء بما على شارل من ديون لخدمه، وذلك بدلا من أن يكافأ هؤلاء الأعيان على ما قدموا من معونة لخلع مليكهم