ضروبها، والصناعات اليدوية الماهرة بكل أنواعها، أقل مما كان يتمتع به أباطرة المغول بعد ذلك بثمانية عشر قرناً" (١٣).
أقام "تشاندرا جوبتا" في هذا القصر، بعد أن استولى على العرش بالقوة، مدى أربعة وعشرين عاماً، فكان كأنما يعيش منه في سجن مطلي بالذهب؛ وكان يظهر للشعب حيناً بعد حين، مرتدياً ثوباً من الموصلي الموشى بالأرجوان والذهب، محمولاً في محفة ذهبية، أو على فيل مطهم بأفخر الطهم؛ وكان وقته مليئاً بأعمال مملكته المتزايدة، إلا ساعات كان يقضيها في الصيد أو في غيره من أنواع التسلية؛ فيومه ينقسم ستة عشر جزءاً طول الجزء منها تسعون دقيقة، فكان يستيقظ في الجزء الأول من يومه فيعد نفسه بشيء من التأمل؛ وفي الثاني يقرأ التقارير التي يرفعها إليه موظفوه، ويصدر فيها تعليمات سرية؛ وفي الثالث يجتمع بمستشاريه في قاعة المقابلات الخاصة؛ وفي الرابع يبحث في أمور المالية والدفاع القومي؛ وفي الخامس يصغي إلى شكاوي رعيته وقضاياها؛ وفي السادس يستحم ويتناول غداؤه ويقرأ شيئاً من كتب الدين؛ وفي السابع يتقبل الضرائب والجزية ويضرب المواعيد الرسمية؛ وفي الثامن يلتقي بمستشاريه مرة ثانية ويستمع إلى ما يقرره له الجواسيس الذين كان يرصدهم، وبين هؤلاء عاهرات استخدمن لهذه الغاية (١٤)؛ وخصص الجزء التاسع من يومه للاستحمام والصلاة، والعاشر والحادي عشر للشئون العسكرية؛ والثاني عشر للتقارير السرية مرة أخرى؛ والثالث لحمام المساء ووجبته؛ والرابع عشر والخامس عشر والسادس عشر للنوم (١٥)؛ ويجوز أن يكون المؤرخ قد صور لنا بهذه الصورة ما كان يمكن أن تجري عليه حياة "تشاندرا جوبتا" من نظام؛ أو هو يصور لنا بها ما أراد "كوتيلا" أن يتصوره الناس عن مليكه، أكثر مما يصور لنا حقيقة ذلك الملك في حياته، فالحقيقة قلما تفلت من أجواق القصور.
كان زمام الحكم الحقيقي في يد وزيره الماكر "كوتيلا" و "كوتيلا"