وفي هذه الأثناء استولى ألفنسو صاحب فيرارا على رجيو ومودينا اللتين كان لفيرارا فيهما حقوق من أقدم الأزمنة، كما استولت البندقية على رافنا. وطردت فلورنس آل ميديتشي للمرة الثالثة وأعلنت يسوع المسيح ملكا على الجمهورية الجديدة، وبدا أن صرح البابوية كله مادياً وروحياً آخذ في الانهيار، وحركت مأساة هذا الخراب أسى الناس جميعاً حتى الذين كانوا يشعرون بأن خيانات كلمنت، وآثام البابوية، وشره حكومتها، وترف رجال الدين، ومظالم روما، كانت كلها خليقة ببعض العقاب. وسمع سادوليتو، وهو آمن مطمئن في كاربئتراس Carpentras بسقوط روما فروعه النبأ، وتحسر على مضي تلك الأوقات الحلوة الهادئة التي جعلها بمبو، وكستجليوني، وإزبلا، ومائة من العلماء، والشعراء، وأنصار العلم والفن، موطناً لهما حتى بلغا فيها ذروة مجدهما. وكتب إرازمس لسادوليتو يقول:"لم تكن كعبة الدين المسيحي، ومهد النفوس النبيلة، وموطن الآداب والعلوم والفنون فحسب، بل كانت أيضاً أم الأمم. وكم من الناس كانت أعز عليهم وأحلى لهم، وأعظم قيمة لديهم، من بلادهم نفسها! … ألا إن هذا الخراب لم يكن في الحقيقة خراب بلدة واحدة، بل كان خراب العالم أجمع"(٤٦).