فرنسا عن جميع مطالبه في إيطاليا، وفلاندرز، وآرتوا، وأراس، وتورناي (٤٨). وبهذا ترك حلفاء فرنسا في إيطاليا تحت رحمة الإمبراطور.
ثم التقى شارل وكلمنت في بولونيا في الخامس من نوفمبر سنة ١٥٢٩، وكان كلاهما الآن مقتنعاً بأنه في حاجة إلى الآخر. ومن أغرب الأشياء أن هذه كانت أول زيارة لإيطاليا يقوم بها شارل؛ ذلك أنه فتح تلك البلاد قبل أن يراها. ولما ركع أمام البابا في بولونيا، وقبل قدم الرجل الذي مرغه في الثرى، كان ركوعه هذا هو المرة الأولى التي أبصر فيها كلا الرجلين صاحبه- الرجل الذي يمثل الكنيسة في عهد اضمحلالها، والرجل الذي يمثل الدولة الحديثة الناشئة المنتصرة- وفارق كلمنت جميع كبريائه، وغفر جميع ما لحقه من إساءات؛ ولم يكن من ذلك بد؛ فلم يكن في وسعه آنئذ أن يتطلع إلى عون فرنسا؛ وكان لشارل جيش لا يقاوم في جنوبي إيطاليا وشماليها، ولم يكن يستطيع إعادة فلورنس لآل ميديتشي دون مساعدة الجيوش الإمبراطورية؛ وكان في حاجة إلى مساعدة الإمبراطور ضد لوثر في ألمانيا، وضد سليمان القانوني في الشرق. ووقف شارل وقتئذ وقفة الرجل الكريم الحصيف: فقد استمسك بجوهر شروط اتفاق برشلونة الذي عقده حين لم تكن له هذه القوة التي لا تقاوم، فأرغم البندقية على أن تعيد كل ما استولت عليه من أملاك الولايات البابوية؛ وسمح لفرانتيسكو ماريا اسفوردسا أن يحتفظ بميلان المخربة تحت رقابة الإمبراطور إذا أدى نظير ذلك غرامة حربية كبيرة؛ وأقنع كلمنت بأن يسمح لفرانتشيسكو ماريا دلا روفيري الجبان أو الغادر بأن يحتفظ بأربينو. وغفر لألفنسو انضمامه القريب العهد إلى فرنسا، وكافأه على ما قدم من معونة أثناء الزحف على روما بأن سمح له بالاحتفاظ بدوقيته على أن تكون إقطاعية بابوية، وأعطاه مودينا ورجيو إقطاعيتين من قبل الإمبراطورية؛ وأدى ألفنسو للبابا في نظير ذلك مائة ألف دوقة كان البابا في أشد الحاجة إليها. وأراد شارل أن يوطد دعائم هذه التسويات