باتستا دلا بالا وغيره من الزعماء الجمهوريين، وأخفى ميكل أنجيلو نفسه مدة شهرين في بيت صديق له، كان في كل لحظة منهما يتوقع أن يلقى نفس المصير، ولكن كلمنت كان يظن أنه وهو حي أعظم قيمته منه وهو ميت، فكتب البابا إلى أقاربه الحاكمين في فلورنس يأمرهم بالبحث عن الفنان، ومعاملته بالحسنى. ووافق ميكل على هذا العرض؛ ولكن الصورة التي كانت في عقل الحبر والفنان كانت أكبر مما تستطيع اليد تنفيذه، كما حدث في قبر يوليوس؛ ولم تطل حياة البابا حتى يشهد تمام المشروع. فلما توفي كلمنت في عام ١٥٣٤ خشى ميكل أنجيلو أن يصيبه ألسندرو ده ميديتشي بأذى بعد أن مات حاميه ونصيره، فاغتنم أول فرصة للهرب إلى روما.
وتبدو على القبور مسحة من الحزن المكتئب العميق كما تبدو على صورة عذراء ده ميديتشي التي نحتها أنجيلو لحجرة المخلفات المقدسة. ولقد افترض المؤرخون المولعون بالديمقراطية (والمغالون فيما كانت عليه من مدى في فلورنس) أن الصور المضطجعة ترمز إلى مدينة تندب استسلامها للاستبداد والظلم على الرغم منها. ولكن أكبر الظن أن هذا التفسير وهم خيال: فقد صممت هذه الصورة بينما كان الميديتشيون يحكمون فلورنس حكماً صالحاً إلى حد معقول؛ وقد نحتت لبابا من آل ميديتشي كان على الدوام رؤوفا بميكل أنجيلو، ونحتها فنان مدين لآل ميديتشي منذ شبابه. ولسنا نعرف أنه كان يبغي الإساءة إلى الأسرة التي كان يعد لها قبورها، وليس في تصويره لجيوليانو ولورندسو ما يدل على تحقيره إياهما. والحق أن هذه الرسوم تعبر عن شيء أعمق من حب لأن تستمتع الأقلية الثرية بحرية حكم الطبقات الفقيرة، دون أن تقف في سبيلها أسرة ميديتشي التي كانت في العادة محبوبة من الشعب عامة. إنها تعبر عن ملل ميكل أنجيلو من الحياة، وعن التعب الذي حل برجل كله أعصاب وأحلام هائلة لا يستطاع تحقيقها،