للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوة، لأن هذا كله إنما صنع أو جمع نتيجة لكرم أنصاره أو خوفهم منه. من ذلك أن نتورتو نفسه هو الذي نقش سقف حجرات بيترو الخاصة، وسرعان ما ازدانت جدرانها بصور من عمل تيشيان، وسباستيانو دل بيومبو، وجيوليو رومانو، وبرندسينو، وفاساري؛ وكان في الدار تماثيل من صنع ياقوبو سانسو فينو، وألسندرو فتوريا. وكانت فيها علبة من خشب الأينوس تحوي الرسائل التي تلقاها أريتينو من الأمراء، والأحبار، وقواد الجيوش، والفنانين، والشعراء، والموسيقيين، وكرائم السيدات؛ وقد نشر هذه الرسائل فيما بعد في مجلدين يحتويان على ٨٧٥ صفحة كثيرة السطور. وكان في الدار فوق ذلك صناديق وكراسي محفورة، وسرير من خشب الجوز يليق بجسم بيترو الذي كان قد تضخم. وكان أريتينو يعيش وسط هذا الترف وهذه التحف الفنية، يرتدي ثياب الأمراء، ويوزع الصدقات على الفقراء من الجيران، ويولم الولائم لعدد لا يحصى من الأصدقاء وللعشيقات اللاتي اتخذهن واحدة بعد واحدة.

ترى من اين جاء بالمال الذي يحيا به هذه الحياة المترفة؟ لقد جاء يبغضه من بيع كتاباته للناشرين، وبعضه من الهدايا والمرتبات التي كان يبعث بها إليه من يخشى سخريته أو يلتمس مديحه من الرجال والنساء. وكان أكثر الناس يقظة وشأناً في إيطاليا يسارعون إلى ابتياع ما يخطه قلمه من هجاء، وقصائد؛ ورسائل، ومسرحيات، وكلهم حريص على أن يعرف ما يقوله عن الأشخاص والحوادث، ويسر من هجماته على ما هو منتشر في تلك الأيام من سفاد، ونفاق، وظلم، وسوء خلق. وقد أضاف أريستو إلى الطبعة التي أصدرها في عام ١٥٣٢ من أرلندو فيوزيوسو Orlando Furioso يتبين من الشعر أضافا لقبين إلى اسم بيترو إذ قال: "انظروا إلى المنكل بالأمراء، بيترو أريتينو القدسي؛ وسرعان ما أصبح الطراز المألوف أن يتحدث الناس عن أكبر كاتب فظ بذئ في ذلك الوقت بأنه "قدسي".