وذاعت شهرته في أنحاء القارة الأوربية، وسرعان ما ترجم هجاؤه إلى اللغة الفرنسية، وجمع أحد باعة الكتب في شارع سان جاك في باريس ثروة طائلة من بيعها مفردة (١١)، ورحب بها سكان إنجلترا، وبولندا والمجر، وقال في ذلك أحد معاصريه إن أريتينو ومكيفلي هما دون غيرهما المؤلفان اللذان تقرأ مؤلفاتهما في ألمانيا، وفي روما حيث يقيم ضحايا قلمه المحببون كانت كتاباته تنفذ في يوم نشرها، وإذا جاز لنا أن نأخذ بتقديره هو فإن ايراده من مؤلفاته المختلفة بلغ ألف كرون (١٢. ٥٠٠ دولار؟) في العام الواحد. وفضلا عن هذا فإن "كيمياء قلمي قد جاءت إلي بأكثر من ٢٥. ٠٠٠ كرون ذهبي من أشحاء مختلف الأمراء". وكان الملوك، والأباطرة، والأدواق، والبابوات، والكرادلة، والسلاطين، والقراصنة، ممن يعطونه الجزية عن يد وهم صاغرون. وهاهو ذا شارل الخامس يعطيه طوقاً يقدر بثلاثمائة كرون، وفيليب الثاني يعطيه طوقاً آخر يقدر بأربعمائة، وفرانسس الأول يهبه سلسلة أعظم منها قيمة (١٢). وكان فرانسس وشارل يتنافسان في كسب مودته بما يعدانه به من معاش ضخم، وقد وعده فرانسس بأكثر مما وهبه، وقال عنه أريتينو:"لقد كنت أجلَه أعظم إجلال، ولكن عجزي عن استثارة سخائه والحصول من هذه الاستثارة على المال ليكفي لأن يبرد أفران مورانو (الضاحية التي تتركز فيها صناعة الزجاج، بالبندقية) "(١٣). وعرض عليه لقب "فارس" من غير أن يصحب اللقب إيراد ما، فرفضه وقال "إن الفروسية بلا دخل كالجدار الذي لا يحمل علامة "ممنوع" فعنده يرتكب كل إنسان ما يشاء من المضايقات"(١٤). وهكذا سخر أريتينو قلمه للثناء على شارل وخدمه بإخلاص لم يألفه قط. ودعي مرة لمقابلة الإمبراطور في بدوا، فلما أقبل على المدينة خرجت جموع كبيرة تحييه كما تحيي أعظم العظماء المشهورين، وآثر شارل أريتينو على جميع الحاضرين فاختاره للركوب إلى جانبه وهو يطوف بالمدينة، وقال له: