"إن كل سميذع في أسبانيا يعرف كتاباتك، ويقرأ كل ما يصدر منها فور طبعه". وجلس ابن الحذاء في تلك الليلة عن يمين الإمبراطور، الذي دعاه لزيارة أسبانيا، فرفض بيترو بعد أن عرف ما هي البندقية. وكان أريتينو وهو جالس إلى جانب فاتح إيطاليا أول مثل لما أسماه الناس بعدئذ قوة القلم، فما من نفوذ شبيه بنفوذه ظهر بعدئذ في الأدب حتى جاء فلتير.
وقلما يسترعي هجاؤه انتباهنا في هذه الأيام، ذلك أن قوته تعتمد في الغالب على الإشارات اللاذعة لحوادث محلية، وثيقة الصلة بظروف ذلك الوقت إلى حد يحرمها من أن يكون لها أثر دائم. وكان سبب انتشار ذلك الهجاء وشهرته أنه يصعب على الإنسان ألا يستمتع بكشف عورات غيره من الناس، ولأن قائله يعرض بالمساوئ الحقة، ويهاجم بشجاعة العظماء والأقوياء، ولأنه حشد جميع ما في لغة الشوارع من قوة لخدمة الأدب والتجريح الأدبي النافع. وقد استغل أريتينو اهتمام الناس الفطري بالشؤون الجنسية وبالخطايا، فكتب في ذلك أحاديث Ragionamenta بين العاهرات عن أسرار الراهبات، والزوجات، والعشيقات وأعمالهن. وكانت الصفحة الأوبى من الكتاب تعلن أنه محاورات نانا وأنطونيو … ألفه أريتينو القدسي لقرده المدلل كبريتشيو Capricio، ولإصلاح شأن طبقات النساء الثلاث. قدم للطباع في هذا اليوم من شهر إبريل سنة ١٥٣٣ بمدينة البندقية الذائعة الصيت" (١٥). وفي هذا الكتاب يستبق أريتينو ما تتسم به كتابات ربليه Rabelais من فحش، وسخرية، وولع بالأوصاف يصل إلى حد الجنون، وهو يهيم حباً بالعبارات التي لاتزيد على أربعة أسطر، ويؤلف منها أحياناً عبارات فذة مدهشة كقوله: ("أراهن بروحي نظير حبة فستق")، وأوصافاً رائعة كوصفه الزوجة الحسناء التي فيسن السابعة عشرة والتي هي "أجمل قطعة من اللحم أظن أني لقيتها في حياتي"- والتي تزوجت برجل في سن الستين، واعتادت المشي وهي نائمة تتخذه وسيلة لمقارعة حراب