الليل" (١٦). والنتيجة التي تستخلص من المحاورات هي أن المومسات أجدر طبقات النساء الثلاث بالمديح، لأن الزوجات والراهبات ينكثن بأيمانهن، أما الموسمات فيعشن كما تحتمه عليهم حرفتهن، ويقضين الليلة في أداء ما تناولن عنه أجرهن. ولم تروع أقواله إيطاليا، بل تلقتها بالضحك والابتهاج.
وألف أريتينو في ذلك الوقت نفسه أكثر مسرحياته كلها انتشاراً وهي مسرحية المومس. وقد سلك فيها النهج الذي سارت عليه معظم المسالي الإيطالية في عهد النهضة، فقد جرت على التقاليد البلوتينية، التي تجعل الخدم يسخرون من أسيادهم، ويحيكون لهم ما يريدون من الدسائس، ويعملون لهم قوادين، ويتولون عنهم التفكير. غير أن أريتينو أضاف إلى ذلك شيئاً خاصاً به: هو سخريته وفكاهته الفاجرة الفاحشة، وعلاقته الوثيقة بالعاهرات، وكراهيته لحاشية الملوك والأمراء، - وخاصة حاشية البابا- ووصفه الصادق الطليق للحياة كما شاهدها في المواخير وفي قصور روما. وقد أزاح الستار عن حاجة رجل البلاط إلى النفاق، والتذبذب، والتذلل، والملق؛ وعرف النميمة في سطر مشهور بأنها "قول الحق"، وكان ذلك لأقوى وأحكم دفاع عن حياته وتبرير لها. وكتب أريتينو مسلاة أخرى هي أطلنطا جعل فيها الشخصية الهامة عاهراً أيضاً، وجعل محور القصة ما تحتال به من الحيل على محبيها، والطرق التي تبتز بها المال منهم بعد أن تهيجهم. وله مسرحية أخرى تدعى Ipocrita شبيهة كل الشبه بمسرحية طرطوف لمليير، بل الحق أن مسالي مليير ليست إلا حلقات فرنسية من مسالي أريتينو أصلحت وطهرت من رائحتها الخبيثة.
وألف أريتينو في نفس العام الذي أخرج فيه أناشيد المواخير طائفة كبيرة من المؤلفات الدينية منها إنسانية المسيح، ومزامير التوبة السبعة، وحياة مريم العذراء، وحياة كترين العذراء، وحياة القديس تومس،