تسعة أشهر رسم فيها للإمبراطور صورتين من الصور التي ذكرناها قبل، وخلد فيهما عظماء الأسبان والتيوتون أبناء الجبال مثل المنتخب جوهان فريدريخ السكسوني Elector Johann Eriedrlch والتقى تيشيان في زيارة أخرى لأوجزبرج (١٥٥٠) بالأمير الذي أصبح فيما بعد فيليب الثاني ملك أسبانيا، ورسم له عدة صور؛ منها واحدة في البرادو Prado تعد من آيات التصوير في عهد النهضة. وأجمل من هذه على جمالها الصورة التي مثل فيها الإمبراطورة وإزبلا زوجة شارل البرتغالية. وكانت هذه الزوجة قد توفيت في عام ١٥٣٩، ولكن الإمبراطور أعطى تيشيان بعد أربع سنين من وفاتها صورة لها وهي نَصَفٌ رسمها لها مصور مغمور، وطلب إليه أن يحيلها تحفة فنية رائعة. وربما كانت الصورة النهائية غير شبيهة بالإمبراطورة، ولكنها حتى إذا كانت إزبلا البرتغالية صورة خيالية فإنها يجب أن تكون في أسمى مرتبة من مراتب صور تيشيان: فهي ذات وجه رقيق حزين، وثياب ملكية فخمة، وفي يدها كتاب صلوات يسري عنها ما تتوقعه من موت قريب، وفي الصورة منظر طبيعي بعيد يضيف إليها منظراً يجمع بين الخضرة، والسمرة، والزرقة.
وشعر تيشيان بعد عودته من أجزبرج (١٥٥٢) أنه قد نال كفايته من الأسفار. فقد كان وقتئذ في الخامسة والسبعين من عمره، وما من شك في أنه كان يظن أنه لم يبق له من الحياة الشيء الكثير. ولعل عمله كان من شأنه أن يطيل الحياة، فقد أنساه انهماكه في الصورة بعد الصورة أن يموت. وقد صور في سلسلة طويلة من الصور الدينية (١٥٢٢ - ١٥٧٠) فكرته الواضحة الرائعة عن العقيدة المسيحية وقصة الخلق من آدم إلى المسيح (١). وقد خلد في صور قوية حياة الرسل والقديسين، وأحسن هذه
(١) مثال ذلك: سقوط الإنسان (حوالي عام ١٥٧٠ موجودة في برادو Prado) - وهي تأليه صريح للجسم البشري؛ والبشارة (حوالي ١٥٤٥، في اسكولو دي سان ركو Scuolo di San Rocco، بالبندقية) وأخرى مثلها في سان سلفاتوري San Salvatore، =