فهي الأخطاء الناتجة من السرعة في التنفيذ، ومن الإهمال في الرسم أحياناً وقد كانت الكثرة الغالبة من رسومه التخطيطية الأولى تجريبية؛ ولكنه كان إذا غنى بالتأني والتؤدة، يستطيع أن يخرج عجائب مثل صورة ميدورو وانجيلكا التي رسمها بالقلم والمحفوظة في متحف بنات Bonnat في بايون Bayonne. أما في الصور الملونة فقد كان لابد له ان يعمل مسرعاً. ذلك بأن من يجلسون أمامه ليصورهم كانوا منهمكين في العمل لا يصبرون على الجلسات الطويلة أو الكثيرة التي لابد منها لإتقان الصور؛ ومن أجل هذا كان يرسم رسماً تخطيطياً سريعاً، ثم يرسم منه الصورة الملونة، ولعله كان يضع في رأس نموذجه ووجهه أكثر مما فيه حقيقة. أما في الصور التي كان يرسمها لغير الأحياء فكان يبرز الملامح أكثر مما ينبغي، وقلما كان يتعمق إلى الجوهر الروحي، ولهذا فإنه لم يصل في عمق النظرة النافذة ولا في الشعور إلى مثل ما وصل إليه ليوناردو أو ميكل أنجيلو، ولكن ما أصح وأسلم فنه إذا قورن بفنهما! فلسنا نرى فيه انهماكاً في التفكير الداخلي يفسده، كما لا نرى فيه ثورة عارمة على طبيعة العالم والإنسان. لقد قبل تيشيان العالم بالصورة التي رآه عليها، وأخذ الرجال كما وجدهم، والنساء كما وجدهن، واستمتع بكل أولئك. وكان وثنياً صريحاً، يتأمل بابتهاج بناء جسم المرأة طوال سنيه التسعين؛ وحتى عذاراه صحيحات الأجسام سعيدات صالحات للزواج؛ وقلما كان لما في الحياة من فقر، وحزن، واضطراب مكان في فن تيشيان، بل كل ما فيه جمال وبهجة إذا استثنينا قليلا من صور الشهداء والمسيح المصلوب.
وتقدمت به السن وهو يواصل عمله في الرسم، وعاش ربع قرن بعد أجل الناس المعتاد؛ وسافر إلى بريشيا وهو في الثامنة والثمانين من عمره، وقبل فيها مهمة شاقة هي نقش سقف قصر البلدية. ولما زاره فاساري وهو في سن التسعين وجده يعمل وفرشاته في يده. ورسم وهو في الواحدة والتسعين