وامرأة فخمة الصورة لاتقل في ذلك عن فخامة صور فيدياس تعرف ابنتها بمريم؛ وإلى جانبها صور نساء غيرها ومعهن أطفالهن واضحية واقعية، ومتنبئ يلقي نبوءات غامضة، ومتسولون ومقعدون نصف عرايا راقدون على درج المعبد. تلك صورة تضارع أحسن ما صوره تيشيان وهي من أعظم ما صور في عهد النهضة.
وتأكد نجاح تنتورتو حين رشحته الاسكولا دي سانت ركو Scuola di San Rocco أو أخوه القديس رك لزخرفة قاعات اجتماعها (الألبرجو Albergo) . وتفصيل ذلك أن المشرفين على هذه الطائفة أرادوا أن يختاروا مصوراً لنقش سطح الجدران الواسع، فدعوا الفنانين لتقديم رسوم لصورة تلتئم مع سقف بيضي الشكل تظهر القديس روك في مجده، فتقدم باولو فيرونيز، وأندريا شيافوني Andrea Shiavone وغيرهما برسوم تخطيطية، أما نتورتو فرسم صورة نهائية زاهية الألوان حية بالحركات والأعمال، وعمل سراً على أن يلصق قماش الصورة في مكانها المعين وأن يغطي. ولما أقبل اليوم الذي تقدم فيه الفنانون الآخرون برسومهم، أمر بكشف هذه الصورة النهائية، وروع القضاة والمتنافسون. وقد برر هو هذا التدبير غير السليم بقوله إنه يستطيع العمل بهذه الطريقة السريعة الحاسمة بدلا من طريقة الرسوم الأولية. ولكن الفنانين الآخرين نددوا بها، وانسحب نتورتو من المباراة، ولكنه ترك الرسوم هدية إلى الجماعة؛ فقبلته آخر الأمر، وعينت نتورتو عضواً بها، وخصصت له مرتباً قدره مائة دوقة في العام مدى الحياة، وطلبت إليه في نظير ذلك أن يرسم لها ثلاث صور كل سنة.
وبذلك استطاع أن يضع على حجرات قاعات الاجتماع سنة وخمسين منظرا في السنين الثمان عشرة التالية (١٥٦٤ - ١٥٨١). وكانت الحجرات التي يعمل فيها قليلة الضوء، واضطر نتورتو أن يشتغل فيما يشبه الظلام، وكان