ويستمد الفنان موضوعه من الإصحاح الخامس من الإنجيل الرابع:"في هذه كان مضطجعاً جمهور كثير من مرضى، وعمى، وعسم (١) " ينتظرون أن تتاح لهم الفرصة للاستحمام في بركة ذات الماء الشافي. وتنتورتو لا ينظر إلى معجزة شفاء المرضى، بل يرى الجماهير المصابة بمختلف الأمراض، ويصورها كما يراها وهو ساكن هادئ بأجسامها المشوهة وأسمالها البالية، وأقذارها، وآمالها، ويأسها. إن هذا المنظر كأنه أخذ من منظر الجحيم لدانتي أو الأثقال لزولا.
وهذا الرجل الذي يستطيع أن يحدث بفنه هذه السورة العارمة ضد الشرور التي يتعرض لها الجسم الإنساني بفطرته: هذا الرجل نفسه قد استجاب بحماسة بالغة لمباهج الجسم الإنساني في صحته وجماله، وكاد يضارع تيشيان وكريجيو في رسم العرايا. ونحن وإن كان يحق لنا أن نتوقع من روحه القلقة وفرشاته السريعة أن تعجزا عن نقل الإحساس القديم بالجمال أثناء راحته؛ لنجد مع ذلك في أماكن كثيرة في أوربا أشكالا أنيقة أمثال صورة دانائي المحفوظة في متحف ليون بفرنسا، والمزدانة بالجواهر، وصورة ليدا والبجع الموجودة في معرض أفيدسي، وفينوس وفلكان المحفوظة في متحف ميونخ وصورة إنقاذ أرسينوئي، المحفوظة في متحف درسدن، وعطارد وربات الجمال وباخوس وأدرياني المحفوظتين في قصر الدوج بالبندقية … ويظن سيمندس أن هذه الصورة الأخيرة هي أجمل صورة بالزيت موجودة في هذه الأيام، إن لم تكن أعظم الصور كلها" (٣١). على أن أكمل منها صورة أصل المجرة الموجودة في معرض لندن الفني التي تعزو هذا الأصل إلى ضغط
(١) هذا هو نص الآية، وقد ورد في المحيط العسم محركة، يبس في مفصل الرسغ تعوج منه اليد والقدم. (المترجم)