ما عرف عن نتورتو" (٣٠). وقد رسم المسيح في الطرف البعيد، والقديسين منهمكين في الأكل أو الحديث، والخدم رائحين بالطعام وغادين، وكلباً يسأل متى يتناول هو أيضا الطعام. ورسم نتورتو في حجرة داخلية في الطابق الأعلى صورتين من أعظم صوره. إحداهما صورة المسيح أمام بيلاطس ويظهر فيها شخص لا يمكن أن ينساه الإنسان قط يرتدي ثوباً أبيض كأنه كفن، ويقف متعباً، مستسلماً، ولكنه يقف مهيباً كريماً أمام بيلاطس الذي يحاول التكفير عن خطيئة الخضوع إلى تعطش الغوغاء للدماء. وآخر ما نذكره من هذه الصور صورة يرى نتورتو أنها خير صوره على الإطلاق- صورة الصلب، التي تتحدى صورة يوم الحساب لميكل أنجيلو وتسمو عليها في قوتها واتساع مدى تكوينها، وتنفيذها الفني، فها هي ذي أربعون قدماً من الجدار تغطيها ثمانون صورة لأشخاص، وخيول وجبال، وأبراج، وأشجار، روعيت فيها الأمانة في رسم التفاصيل، مراعاة لا يكاد يتصورها العقل، ويرى فيها المسيح يمضه الألم الجثماني والنفساني، ولص من اللصوص يلقى فوق صليب مطروح على الأرض، وهو يقاوم إلى آخر لحظة؛ ولص آخر جبار في قوته وتهوره، ثم يرفعه للقتل جنود غلاظ شداد يحول غضبهم من ثقله دون أن تأخذهم به رأفة، وترى النساء وقد انكمشن جماعات من شدة الرعب، والنظارة يتزاحمون في حرصهم على أن يروا الرجال يعذبون ويموتون. ويرى من بعيد جو مكفهر لا يستجيب إلى المأساة البشرية، ولكن فيه رعداً وبرقاً ومطراً لا تعبأ بها. وفي هذه الصورة بلغ نتورتو الذروة وضارع أحسن المصورين.
وأضاف نتورتو إلى كل هذه الآيات الفنية التي رسمها في قاعات الاجتماع ثماني صور أخرى رسمها لكنيسة هذه الجماعة نفسها معظمها خاص بالقديس روك نفسه. وأظهر ما في هذه المجموعة كلها صورة بركة بيت جسدا وذلك لما تبعثه في النفس من رهبة إن لم يكن لشيء سواها.