للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يمنحوا صاحب أحسن مدلاة سلسلة ذهبية، فكان باولو هو الذي نال هذه المكافأة نظير تمثيله الموسيقى في صورة ثلاث فتيات- واحدة منهن تعزف على العود، وواحدة تغني، وواحدة منكبة على الكمان الدجمبي (١) - ومعهن كيوبد يضرب على معزف من نوع البيان، وبان Pan (٢) بنفخ في مزاميره. وقد رسم فيرونيز بعدئذ يتحلى بهذه السلسلة الذهبية.

ولما أن أحرز باولو هذه الشهرة العظيمة في التصوير الزخرفي عهدت إليه أعمال درت عليه المال الوفير. من ذلك أن أسرة بربارو Barbaro الشريفة الغنية شادت في عام ١٥٦٠ بيتاً ريفياً في ماتشير Macer قرب أسولو Asolo حيث كانت تقيم كترينا كرنارو ملكة قبرص السابقة، وحيث كان بمبو العاشق الأفلاطوني الواله. ولم يختر آل برباري إلا كبار الفنانين ليجعلوا من هذا البيت: "أجمل بيت للنزهة شيد في عصر النهضة" (٣٥). فاختاروا أندريا بلاديو لتصميمه. وألسندرو فتوريا لزخرفته بالتماثيل الجصية، وفيرونيزي لعمل المظلمات في السقف والجدران، والبندريلات والكوات، مستمدة من مناظر من الأساطير الوثنية والمسيحية. فقد صور على السطح الداخلي من القبة الوسطى أولمبس- الآلهة الذين يستمتعون بجميع مباهج الحياة ولكنهم لا يهرمون ولا يموتون. ورسم صغار الفنانين وسط مناظر سماوية صورة صائد، وقرد، وكلب بلغ من دقة شكله ويقظته وحيويته ما يجعله خليقاً بأن يكون من كلاب السماء. ورُسم عى أحد الجدران خادم يتطلع عن بعد إلى صورة عذراء، وتتطلع هي الأخرى إليه، ثم تمضي لحظة يطعمون هم أيضاً فيها طعام الآلهة، وبهذا بلغ جمال القصر وبهجته درجة لا يمكن أن يعلو عليها إلا الفنانون الصينيون من مواطني كوبلاي خان Kublai Khan،


(١) آلة موسيقية من نوع الكمال.
(٢) إله الرعاة والقطعان والغابات والحياة البرية، وشفيع الرعاة، والصائدين … الخ