للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كوتشينو (الموجودة في درسدن) بعد أن رسمت للعذراء ألف صورة وصورة! نرى أصحاب الهبات الوسيمي الوجوه ذوي اللحى السوداء، ونرى الأطفال السذج الحيارى، ونرى شبح الغدر المتشح بلفاعة بيضاء- في صورة امرأة ذات جمال رائع قلما يضارعه جمال آخر حتى في فن البندقية نفسه.

وكانت صورة الزواج في كانا (المحفوظة في متحف اللوفر) هي ذات المنظر الذي يحب فيرونيزي أن يصوره: وقد جعل خلفية الصورة مباني رومانية، وجعل في مقدمتها كلباً أو كلبين، ومائة شخص في نحو مائة موقف مختلف، وقد رسمهم كلهم كأنه يريد أن يجعل كل واحد منهم صورة كبرى قائمة بذاتها، وكان من بينهم صور تيشيان، وتنتورتو، وبسانو، وصورته هو نفسه. ومع كل منهم آلة موسيقية وترية يعزف عليها. وكان باولو يختلف عن نتورتو في أنه لم يكن يعنى أقل عناية بالواقعة؛ فهو لم يجعل في صورته المحتفلين رجالا ونساء ممن قد تحتويهم بلدة يهودية صغيرة، بل جعل المضيف من اصحاب الملايين البنادقة، وجعل له قصراً خليقاً بأن يكون قدر الإمبراطور أغسطس، فيه الضيوف والكلاب المعروفة السلالة والنسب، واحتوت الموائد ما لذ وطاب من الطعام والشراب. وإذا جاز للإنسان أن يحكم على المسيح من صور فيرونيزي، قال إنه قد استمتع بولائم كثيرة بين محنه؛ فنحن نشاهده في اللوفر يتغذى في بيت سمعان الفريسي، ومجدلية تغسل قدمه، ومن حوله نساء حسان يتحركن بين العمد الكورنثية؛ وفي توريز يتعشى في بيت سمعان الأبرص؛ وفي معرض البندقية يتغذى في بيت لاوي. لكننا نرى المسيح في معرض صور فيرونيزي يغشى عليه تحت ثقل الصليب (درسدن)، ونراه يصلب في جو مكفهر وأبراج أورشليم قائمة من تحته عن بعد (اللوفر). ولا يفصح فيرونيز عن خاتمة المأساة: فنحن نرى في أموس حجاجاً سذجاً يتعشون مع المسيح ومعهم أطفال ظراف يدللون كلباً يظهر دائماً في صور الفنان.