واعظم من هذه الصور الموضحة للعهد الجديد صور فيرونيزي المستمدة من حياة القديسين وأقاصيصهم: كصورة القديسة هيلينا يكسوها الجمال الرائع، وهي تعتقد أنها ترى الملائكة ينقلون الصليب (لندن)؛ والقديس أنطونيوس يعذبها شاب مفتول العضلات، وامرأة مَلَكية (كائن)؛ والقديس جيروم في البرية؛ تواسيه وتطرد عنه السآمة كتبه (تشكاجو)؛ والقديس جورج يرحب في وجد ونشوة بالاستشهاد (في كنيسة سان جيورجيو بالبندقية)؛ والقديس أنطونيوس في بدوا؛ والقديس فرانسس يتلقى الوسمات (١)(البندقية)؛ القديس مناس تتلألأ عليه الدرع (مودينا) ويستشهد (برادو)؛ القديسة كترين الإسكندرية تتزوج زواجاً باطنياً بالطفل المسيح (كنيسة القديسة كترينا بالبندقية)؛ والقديس سباستيان يرفع علم الأيمان والأمل وهو يقاد إلى ساحة الاستشهاد (كنيسة سان سباستيانو في البندقية)؛ والقديسة جوستينا تواجه الاستشهاد وتتعرض للتهلكة المزدوجة في معرض أفيدسي وفي كنيستها في بدوا؛ كل هذه صور لا يمكن موازنتها بأحسن ما صور تيشيان أو نتورتو، ولكنها مع ذلك خليقة بأن تعد من الآيات الفنية، ولعل أجمل منها كلها صورة أسرة دارا أمام الاسكندر (لندن) وهي تمثل ملكة مكتئبة، وأميرة حسناء، راكعة أمام قدمي الفاتح الوسيم الكريم.
وقد سبق القول إن باولو بدأ حياته في البندقية بالتصوير في قصر الدوق، ونقول الآن إنه ختمه في هذا القصر نفسه بصور جدارية عظيمة خليقة بأن تستثير شعور كل روح وطنية في تلك المدينة. ذلك أن زخرفة داخل القصر بعد الحرائق التي شبت فيه في عامي ١٥٧٤ و ١٥٧٧ عهد أكثرها إلى نتورتو وفيرونيزي، وطلب إليهما أن يكون موضوع الزخرفة هو البندقية نفسها،
(١) علامات تشبه الجراح ظهرت على جسم المسيح المصلوب يعتقد بعض الناس أنها ظهرت من تلقاء نفسها على أجسام بعض الأشخاص أمثال فرانسس. (المترجم)