أما وقد اصطنع صاحب الجلالة المقدسة الرحيمة الملك أسباب التقوى في حياته، فقد سكتت أصداء طبول الحروب ليهتز الهواء بأصداء القانون … لقد امتنع الناس اليوم، بفضل قانون التقوى الذي سنه صاحب الجلالة المقدسة الرحيمة الملك، عن ذبح الكائنات الحية ليقدموها في قرابينهم، أكثر من امتناعهم عن ذلك من قبل؛ امتنعوا عن قتل الأحياء، وسلكوا إزاء أقربائهم سلوكاً فاضلاً، وكذلك إزاء البراهمة، وأصبحوا يستمعون لما يأمرهم به آباؤهم وأمهاتهم ومن هم أكبر منهم سناً؛ على هذا النحو- وعلى غيره من الأنحاء الكثيرة- ازداد إقبال الناس فوق هذه الزيادة.
إن أبناء صاحب الجلالة المقدسة الرحيمة الملك، وأحفاده وأحفاد أحفاده، سيعملون على زيادة اصطناع الناس لقانون التقوى، زيادة تضطرد إلى يوم الدين ".
لكن الملك الصالح قد بالغ في تقوى شعبه وولاء أبنائه؛ أما هو نفسه فقد بذل مجهوداً عظيماً في سبيل الديانة الجديدة، فجعل من نفسه رئيساً للطائفة البوذية، وأجزل لها العطايا، وشيد لها ثمانية وأربعين ألفاً من الأديرة لرجالها (٣٧) وبنى باسمها في أرجاء مملكته كلها مستشفيات للإنسان والحيوان (٣٨) وأرسل مبشرين بالعقيدة البوذية إلى أجزاء الهند جميعاً وإلى جزيرة سيلان، بل أرسل هاتيك البعوث إلى سوريا ومصر واليونان (٣٩) حيث يحتمل أن تكون قد هيأت الطريق هناك للأخلاق المسيحية (٤٠) ولم يمض بعد وفاته إلا زمن قصير حتى غادرت بعوث المبشرين بلاد الهند ليعظ رجالها الناس بالتعاليم البوذية في التبت والصين ومنغوليا واليابان، وبالإضافة إلى هذا النشاط الديني، توجه "أشوكا" بحماسة نحو إدارة بلاده في شئونها الدنيوية؛ فكان يطيل من ساعات العمل في يومه، ولم تكن الحوائل لتحول بينه وبين معاونيه، فلهؤلاء أن يتصلوا