ونقيصته البارزة هي الأنانية؛ فمن العسير أن تكون متواضعاً ومصلحاً في آن معاً؛ إن احترامه لنفسه يسطع في كل مرسوم من مراسيمه، مما يجعله أخاً "لمرقس أورليوس"(١) في شتى الوجوه؛ ولم يستطع أن يدرك أن البراهمة كانوا يمقتونه، ويتربصون به الدوائر ليفتكوا به، كما فتك كهنة طيبة بإخناتون قبل ذلك بألف عام؛ ولم يقتصر مقته على البراهمة الذي اعتادوا ذبح الحيوان من أجل أنفسهم ومن أجل آلهتهم، بل جاوزهم إلى ألوف مؤلفة من الصيادين والسماكين الذين كرهوا المراسيم التي فرضت كل هذه القيود القاسية على قتل الحيوان؛ حتى الفلاحون أخذوا يجأرون بالشكوى من الأمر الصادر "بألا يحرق قش الغلال خشية أن تحترق معه الكائنات الحية الكامنة فيه"(٤٢)، فنصف الشعب في الإمبراطورية كان ينتظر موت "أشوكا" كما يرقب الإنسان تحقيق الأمل.
ويروي لنا "يوان تشوانج" أن رواة البوذيين يتناقلون النبأ بأن " أشوكا " في أخريات أعوامه، أكره على النزول عن عرشه، على يدي حفيده الذي فعل ما فعله بمعونة رجال البلاط؛ وحرم الملك كل سلطانه شيئاً فشيئاً، ووقف تيار الهدايا التي كان يمنحها للطائفة البوذية؛ بل إن ما كان يسمح به "لأشوكا" من أشياء، حتى الطعام، نقص مقداره، حتى بلغت به الحال أن أصبح نصيبه من الطعام في اليوم نصف ثمرة من ثمار "الأمالاكا"؛ ونظر الملك إلى نصف الثمرة نظرة حزينة، ثم أرسلها إلى إخوانه البوذيين قائلاً إنها كل ما يملك مما يستطيع تقديمه إليهم (٤٣)؛ لكن حقيقة الأمر هي أننا لا ندري شيئاً عن أعوامه الأخيرة، بل لا ندري في أي سنة وافته منيته؛ ولم يمض بعد موته إلا مدى جيل واحد، حتى كانت إمبراطوريته- كإمبراطورية إخناتون- قد تقوض بنيانها؛ ذلك أنه لما تبين أن نفوذ العرش في مملكة "مجاذا" كانت تسنده