الحياة الفاجرة التي كنت أحياها في العام التي كنت أحياها في العام الذي كنت فيه مديراً لجامعة بدوا" (١٦). ويذكر قوائم: بالأشياء التي أشعر أنني أخفقت فيها" وخاصة حسن تربية أبنائه، ولكنه أيضاً يورد أسماء ثلاثة وسبعين كتاباً ذكر فيها اسمه، ويحدثنا عما كان له من كثير من ضروب العلاج الناجحة والتنبؤات الصادقة، وعن مقدرته الفائقة في المناقشات. وهو يأسف لما أصابه من ضروب الاضطهاد، وللأخطار "التي أحاطت بي بسبب أرائي التي لا تتفق مع السنين المألوفة"(١٧). ويسأل نفسه، "أي حيوان أراه أشد غدراً، وخسة، وخداعاً من الإنسان؟ " ثم لا تجيب عن هذا السؤال، ولكنه يسجل أشياء كثيرة توفر له السعادة، منها التغير، والطعام، والشراب، وركوب البحر، والموسيقى، ومناظر الدمى المتحركة، والقطط، والعفة، والنوم، ويقول:"إذا نظرت إلى جميع الأغراض التي قد يبلغها الإنسان، خيل إلي أن أعظم ما يسبب لي السرور منها هو الاعتراف بالحقيقة"(١٨). وكان مطلبه المحبب إليه هو دراسة الطب، الذي ابتكر فيه كثيراً من أنواع العلاج المدهشة.
ذلك أن الطب كان هو العلم الوحيد الذي تقدم تقدماً ملحوظاً في هذه الفترة من فترات الاضمحلال في إيطاليا. وقد قضى أعظم علماء ذلك العصر كثيراً من السنين في إيطاليا يتعلمون ويعلمون- كوبرنيق من ١٤٩٦ إلى ١٥٠٦، وفيساليوس Vesalius من ١٥٣٧ إلى ١٥٤٦، ولكننا ليس من حقنا أن نختلسهما من بولندا وفلاندرز لنزيد بذلك من تكريم إيطاليا. وقد شرح ريالدو كولمبو Realdo Colombo الذي خلف فيساليوس في منصب أستاذ التشريح في جامعة بدوا دورة الدم في الرئتين في كتابه ده ره أناتمكا Dere Anatomica ( في التشريح)، وأكبر الظن أنه لم يكن يعلم أن سفيرتوس Severtus قد وضع هذه النظرية نفسها قبله باثنتي عشرة سنة. وكان كولمبو يشرح جثث الموتى من الآدميين في بدوا وروما، دون معارضة من رجال الدين