من الجرأة ما جعله يسير إلى أن جميع المسيحيين يمكن أن يجمعوا على عدد قليل من العقائد يعتنقونها كلهم لا تدخل فيها فكرة التثليث (٢٤). وشق ماريو نتسولي Mario Nizzoli الطريق إلى فرانسس بيكن يقدحه في سيطرة أرسطو على الفلسفة، وأخذ يطالب بالملاحظة المباشرة واطراح الاستدلال العقلي، ويندد بعلم المنطق ويسميه الفن الذي يثبت أن الخطأ صواب (٢٥)، وانضم برناردينو تيليزيو Bernardino Telesio من أهل كوسيندسا Cosenza في كتابه De rerum nature، (١٥٦٥ - ١٥٨٦) إلى نتسولي Nizzoli وبيير لاراميه Piere la Ramee في نشر الثورة على سلطان أرسطو، والدعوة إلى العلوم التجريبية، وقال إن الطبيعية يجب أن تفسر نفسها بنفسها طن طريق التجارب التي تتلقاها حواسنا. ويقول تيليزبو إن ما نراه هو المادة تعمل فيها قوتان، الحرارة الآتية من الجو، والبرودة الخارجة من الأرض؛ فالحرارة تنتج التمدد والحركة، والبرودة تؤدي إلى الانكماش والسكون. وفي اصطراع هذين المبدأين يكمن الجوهر الداخلي لكل الظواهر الطبيعية وتسير هذه الظواهر وفق علل طبيعية، وقوانين متأصلة فيها، دون أن تتدخل في ذلك قوة إلهية، على أن الطبيعة نفسها ليست راكدة هامدة، بل إن للجمادات نفسا كما للإنسان. وقد استمد تومسو كمبانيلا Thomaso Campanes، وجيوردانو برونو Giordano Bruno، وفرانسس بيكن شيئا من هذه الأفكار فيما بعد. وما من شك في أن قسطا من الحرية والتسامح قد بقي في الكنيسة جعلها تسمح بأن يموت تيليزيو ميتة طبيعية (١٥٨٨)، أما بعد موته باثنتي عشرة سنة فإن محكمة التفتيش قد أحرقت برونو فوق المحرقة.