للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سني حياتي المضطربة … وإذا ما عدت إلى بيتي فإني لا أرى أمامي حفيداً أو حفيدين بل أبصر أحد عشر من الأحفاد الصغار … وأبتهج حين أسمعهم يغنون ويعزفون على آلات موسيقية مختلفة. وأنا نفسي أغني وأدرك أن صوتي أحسن، وأكثر صفاء، وأعلى نغمة مما كان في أي وقت مضى … فحياتي إذن حية لا ميتة؛ ولست أرغب في أن أستبدل بشيخوختي شباب الذين يعيشون عبيداً لشهواتهم (٢١).

وكتب في السادسة والثمانين وهو "ممتلئ عافية وقوة" بحثاً ثانياً، يعبر فيه عن سروره لأن عدداً من أصدقائه سلكوا سبيله في الحياة، وأخرج في الحادية والتسعين من عمره بحثاً ثالثاً حدثنا فيه كيف "أكتب على الدوام، وبيدي، ثماني ساعات في اليوم، … وأنا فضلا عن هذا أرتاض، وأغني ساعات أخرى كثيرة … لأني أحسن حين أغادر المائدة أن لابد أن أغني … ألا ما أحلى ما صار إليه صوتي وما أقواه! ". وألف وهو في الثانية والتسعين نصيحة مبعثها الحب … إلى جميع بني الإنسان يعضهم فيها على انتهاج سبيل الحياة المنتظمة المعتدلة" (٢٢). وكان يتطلع إلى أن يتم مائة عام، وأن يموت ميتة سهلة، بعد أن تنقص فيها قوة حواسه ومشاعره، ونشاطه الحيوي نقصاً تدريجياً. ومات ميتة هادئة في عام ١٥٦٦، في التاسعة والتسعين كما يقول البعض، وفي الثالثة أو الرابعة بعد المائة كما يقول غيرهم. وعملت زوجته، كما يقال بنصائحه، وعاشت حتى كادت تبلغ المائة وماتت في أتم ما يطلبه المرء من راحة الجسم وطمأنينة النفس" (٢٣).

ولسنا نتوقع أن نجد فيلسوفاً كبيراً في هذا الحيز الصغير من المكان والزمان. لكننا نجد فيهما مع ذاك عدداً من الفلاسفة نذكر منهم ياقوبو أكندسيو Jacopo Aconzio وهو بروتستنتي إيطالي كتب رسالة سماها De Methoda (١٥٥٨) مهد فيها بعض السبل إلى ديكارت، ثم كتب رسالة أخرى سماها De Stralagimatibus Satanae (١٥٦٥) أوتي فيها