للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقد جمع في ساعات فراغه ٢١٤ قصة كتبها في حياته السابقة، وصقلها الصقل الأدبي الأخير وغشى ما فيها من فحش قليل بالمغفرة التي نالها من الأساقفة، ثم طبعها في لوكا في ثلاثة مجلدات (١٥٥٤)، اتبعها بمجلد رابع في ليون (١٥٧٣).

وتدور حبكة القصص عند بانديلو في الأعم الأغلب، كما تدور عند غيره من كتاب القصة على الحب أو العنف، أو على أخلاق طوائف الإخوان والرهبان، والقسيسين. ففيها فتاة حلوة تثأر لنفسها من محب خائن فتمزقه إرباً بكماشات؛ وزوج يرغم زوجته الزانية على أن تخنق عاشقها بيديها؛ وفيها دير ترك للدعارة يوصف بفكاهة حلوة لا يمجها الذوق. واستمدت من قصص بانديلو مادة للمسرحيات المثيرة، من ذلك أن وبستر Webster استمد من واحدة منها حبكة مسرحية دوقة مالفي. ويروي بانديلو بشعور فياض وحذق عظيم قصة روميو منتيشيو Romeo Montecchio، وجيوليتا كابيليتي Giulietta Capeletti، وينقل في وضوح قوة حبهما. وها نحن أولاء نقتطف مثلا من خير ما كتبه في الحب:

ولم يجد روميو في نفسه من الشجاعة ما يستطيع به أن يسأل من هي الفتاة، فأخذ يمتع عينيه بمنظرها الجميل، ويتأمل بدقة حركاتها وسكناتها، وتجرع سم الحب الحلو الشهي، وأخذ يثني ثناء عجيباً على كل جزء من أجزاء جسمها، وكل حركة من حركاتها. وكان يجلس في ركن مر فيه من أمامه جميع من في الحفل حين اقترب موعد الرقص. وكانت جيوليتا (وهذا هو اسم الفتاة) ابنة رب الدار الذي أقام الحفل. وسرت هي أيضاً أيما سرور بمنظر روميو، وإن لم تكن تعرفه، ولكنها رأته مع ذلك أجمل الشبان وأكثرهم مرحاً في الخلق كلهم. وقفت لحظة قصيرة تختلس إليه النظرات الرقيقة من طرف عينيها، وأحست في قلبها بحلاوة أفاضت