فاساري وتشيليني، فقد شنعا عليه تشنيعاً لم يمحه مر القرون.
وكان جيوفني ده بولونيا منافساً لبندنيلي، ولكنه كان أظرف منه والطف خلقا، وقد ولد في دويه Doui ولكنه انتقل وهو شاب إلى روما (١٥٦١)، معتزما أن يكون مثالا، وبعد أن قضى فيها عاما في الدراسة قدم نموذجاً لعمله من الصلصال إلى ميكل أنجيلو وكان وقتئذ شيخا طاعنا في السن؛ فأمسك به المثال الشيخ وضغط عليه بأصابعه: بإبهامي يديه وسبابتيهما في مواضع متفرقة منه، ولم تمض إلا بضع لحظات حتى سواه أحسن مما كان، ولم ينس جيوفني قط هذه الزيارة، وظل طوال الأعوام الأربعة والثمانين الباقية من حياته يعمل لكي يبلغ ما بلغه الفنان العظيم. ثم غادر روما عائداً إلى فلاندرز، ولكن شريفاً من أهل فلورنس أشار عليه بأن يدرس التحف الفنية المجموعة في فلورنس، واستبقاه في قصره لهذا الغرض ثلاث سنين، وكان في المدينة أو فيما حولها كثيرون من الفنانين الإيطاليين النابهين، ولذلك لم يستطيع الفنان الفلمنكي أن يستلفت الأنظار لعمله إلا بعد خمس سنين حين ابتاع فرانتشيسكو ابن الدوق كوزيمو صورة له تمثل فينوس. ثم اشترك في مباراة لتصميم فسقية لقصر السيادة Piazza delln Signoria؛ ورأى كوزيمو أنه أصغر سنا من أن يقوم بهذه المهمة، ولكن كثيرين حكموا بأن النموذج الذي صنعه هو كان خير النماذج كلها؛ وأكبر الظن أنه هو الذي دعى بسببه إلى أن يقيم فسقية أكبر منها في بولونيا، واستدعى جيوفني بعدئذ مرة أخرى إلى فلورنس ليكون المثال الرسمي لآل ميديتشي، وتوالت عليه المهام من ذلك الحين فلم ينقطع عن العمل في يوم من الأيام؛ ولما عاد مرة ثانية إلى روما، قدمه فاساري إلى البابا على أنه "أمير المثالين في فلورنس"(٣٢). وهنا وضع نموذجاً لمجموعة من التماثيل توجد الآن في شرفة لاندسي Loggia dei Lanzi، وسميت فيما بعد اغتصاب السابينيين وتتكون من بطل قوي مفتول العضلات يمسك