للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بنتورمو فنه تعقيدا على تعقيده حين أصيب بداء الخوف، فلم يكن يسمح بأن يذكر الموت في مجلسه، وأخذ يتجنب الحفلات والزحام، خشية أن يحشر فيها فيقضي عليه؛ وكان يرتاب في جميع الناس عدا تلميذه المحبوب برندسينو Bronzino، وإن كان هو نفسه شفيقا دمث الأخلاق، وأخذ ينشد الوحدة ويزداد حباً لها على مر الأيام، واعتاد أن ينام في حجرة في طابق علوي لا يمكن الوصول إليها إلا بسلم يرفعه من ورائه بعد أن يصعد إليها. وظل يعمل وحيدا أحد عشر عاما في آخر مهمة كلف بها- وهي رسم مظلمات في معبد سان لورندسو؛ فكان يأتي إلى المعبد ولا يسمح لأحد غيره بدخوله؛ ومات (١٥٥٦) قبل أن يتم العمل فيه؛ ولما أن أزيح الستار عن الصور تبين أنها غير محكمة النسب، وأن الوجوه ثائرة أو محزونة، وخير لنا أن نذكره بعمل من الأعمال التي قام بها وهو ناضج سليم العقل، وهو صورة جميلة لإجولينو مارتيلي Ugolino Martelli توجد الآن في واشنجتن- ويرتدي صاحبها قبعة لينة مراشة، وله عينان ساهمتان مفكرتان، وأثواب براقة، ويدان نقيتان.

وارتفع شأن أنيولو دي كوزيمو دي ماريانو Agnolo di Cosimo di Mariano، الملقب برندسينو Bronzino بعد أن رسم طائفة من الصور معظمها يمثل آل ميديتشي، ويحتوي قصر هذه الأسرة على عدد كبير منها تبدأ من كوزيمو الأكبر أبي الوطن وتنتهي بالدوق كوزيمو، وإذا جاز لنا أن نحكم عليها من وجه ليو العاشر المنتفخ قلنا إنها في كثير من الأحيان صور صادقة، وخيرها كلها صورة جيوفني دلي باندي نيري (المحفوظة في أفيدسي) - وكأنها صورة لنابليون نفسه قبل أن يكون بونابرت- ويظهر فيها وسيم الخلق، متكبراً، ينفث النار.

وأكبر الظن أن أحب الفنانين للدوق كوزيمو هو الرجل الذي يدين له هذا السفر- كما يدين له كل كتاب عن النهضة الإيطالية- بنصف