الذي لاشك فيه أنه نال بسببها بعض الشهرة، لأنا نجد جيوليو رومانو يأويه في داره في مانتوا كما نجد أريتينو البدين في البندقية يصاحبه ويحميه. وكان أينما ذهب يدرس فن البيئة التي يقيم فيها، ويتحدث إلى الفنانين أو إلى أبنائهم وأحفادهم، ويجمع الرسوم ويدون المذكرات، ولما عاد إلى روما رسم لبندو التوفيتي Bindo Altoviti صورة الخلع من الصليب، وهي الصورة التي يقول عنها إنه "كان من حسن حظها أنها لم تغضب أعظم مثال، ومصور، ومهندس عاش في أيامنا".
وكان ميكل أنجيلو نفسه هو الذي عرفه بالكردنال ألسندرول فرنيزي الثاني، وهذا الحبر المثقف هو الذي أشار على فاساري في عام ١٥٤٦ بأن يؤلف لهداية الخلف كتاباً في سيرة الفنانين الذي رفعوا اسم إيطاليا في القرنين السالفين، وبينا كان فاساري يعمل بجد في التصوير وهندسة العمارة في روما، وريميني، ورافنا، وأرتسو، وفلورنس، كان يقتطع جزءاً من وقته لذلك العمل المجهد الذي لا ينال من ورائه جزاء يذكر وهو كتابه السير "مدفوعاً إلى ذلك بحب فنانينا هؤلاء". وفي عام ١٥٥٠ نشر الطبعة الأولى من حياة كبار المصورين والمهندسين الايطاليين الممتازين ومعه إهداء بليغ للدوق كوزيمو.
وكان فيما بين عامي ١٥٥٥ و ١٥٧٢ أكبر الفنانين عند كوزيمو. فأعاد تنظيم قصر فيتشيو من الداخل، ونقش كثيراً من جدرانه بصور تنزع إلى الضخامة أكثر مما تنزع إلى الفخامة؛ وشاد مبنى الإدارة الرحب المعروف باسم الأفيتسي لوجود المكاتب الحكومية به، والذي أصبح الآن من أكبر المعارض الفنية في العالم. وكان هو المشرف على إتمام بناء المكتبة اللورنثية، والذي شاد الدهليز المغطى الذي استطاع كوزيمو بفضله أن يمر سراً من قصر فيتشيو ومن الأفيتسي إلى جسر فيتشيو ثم إلى مسكن الأدواق الجديد في قصر بتي. وفي عام ١٥٦٧ قضى عدة أشهر في الترحال والبحث،