للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أغنى رجال الدين في العالم المسيحي كله، لكنه تخلى عن جميع إيراد مناصبه الدينية عدا منصب كبير الأساقفة، وتبرع بما تدره من المال للأعمال الخيرية، وانقطع لخدمة الكنيسة وأجهد نفسه في هذه الخدمة إجهادا كاد يقذي على حياته، وهو الذي أنشأ طائفة "ناذري القديس أمبروز" Oblates of St. Ambrose، واستقدم اليسوعيين إلى ميلان، وأيد بقوة جميع الحركات التي تهدف إلى إصلاح الكنيسة، التي ظلت على ولائها للمذهب الكاثوليكي، وإذ كان قد اعتاد الثراء والسلطان، فقد أصر على الاحتفاظ بكل ما كان لمحكمة أسقفيته في العصور الوسطى من اختصاصات، وتولى بنفسه المحافظة على القانون والنظام، وملأ سجون الأسقفية بالمجرمين والملحدين، وظل أربعة وعشرين عاماً الحاكم الحقيقي للمدينة، وضعف شأن الأدب والفن بسبب حرصه الشديد على الوحدة الدينية والخلق القويم؛ ولكن بليجرينو تبيلدي Peligrino Tibaldi المهندس المعماري والمصور علا نجمه بفضل رعايته، وكان هو الذي وضع تصميم المرنمة الفخمة في الكاتدرائية الكبرى، وقد غفر أهل المدينة للكردنال قسوته حين ظل في أثناء وباء الطاعون الذي انتشر في المدينة عام ١٥٧٦ يؤدي واجبات منصبه، ويواسي المرضى والثاكلين بزياراته التي لاتعرف الملل، ويقظته الشديدة وصلواته مع أن كثيرين من الأعيان قد فروا من المدينة.

وشاد الكردنال تولوميو جاليو Tolomeo Gallio في تشرنوبيو Cernobio على بحيرة كومو قصر دست الريفي (١٥٦٥)؛ ولعله لم يكن واثقاً من أن ثمة جنة غيره. وفي بريستشيا رسم جيامبتستا مورني Giambattista Moroni، تلميذ مورتو Moretto صوراً خليقة بأن توضع إلى جانب معظم صور تيشيان (١). وواصل فنتشيندسو كامبي Vincenzo Campi في كريمونا


(١) أهمها "صورة سيد طاعن في السن" (في برجامو) و "أنطونيو نافاجيرو" (ميلان) وبارتولميوبنجا (نيويورك)، وشيخ وغلام (بسطن)، ومعلم تيشيان (واشنجتن)، ولودوفيكو مادرانسو (تشكاجو).