بل كانت رياضة شعرية. وأعظم أغاني مكيل أنجيلو إخلاصاً في مجموعته المعروفة باسم "القوافي" هي التي يوجهها إلى نبيل روماني كان يدرس التصوير. وقد جاء هذا الشاب إلى أنجيلو (في عام ١٥٣٢ على ما نظن) ليأخذ عليه الفن، وسحراً أستاذه بجمال وجهه واعتدال قامته، وحسن هيئته وأدبه الجم، وأحبه ميكل وكتب فيه أغاني ملؤها الإعجاب الصريح به حتى لقد وضعه الناس مع ليوناردو بين المشهورين من ذوي الشذوذ الجنسي في التاريخ (٨٥أ). غير أن هذه التعبيرات الغرامية بين الرجل والمرأة كانت شائعة في عهد النهضة حتى بين الرجال الذين يعشقون النساء والنساء اللاتي يعشقن الرجال؛ وكانت عباراتها القوية المتطرفة جزءاً من الأساليب الشعرية وكتابات الرسائل في ذلك العهد؛ ولذلك فإننا لا نستطيع أن نستخلص منها أحكاماً معينة، لكننا نلاحظ مع ذلك أن ميكل أنجيلو- إذا صرفنا النظر عن شعره- ظل فيما يلوح لا يعبأ بالنساء حتى التقى بفتوريا كولنا.
وبدأت صداقته معها حوالي عام ١٥٤٢ حين كانت في سن الخمسين وكان هو في السابعة والستين. وإنه ليسهل على امرأة في سن الخمسين أن تثير لواهج الحب في قلب ابن الستين؛ ولكن فتوريا لم تكن تريد ذلك أو تفكر فيه، فقد كانت تحس بأنها لا تزال مرتبطة بمركيز بيسكارا الذي مات منذ سبعة عشر عاماً؛ ولهذا كتبت إلى ميكل أنجيلو تقول:"إن صداقتنا صداقة ثابتة، وحبنا قوي أكيد؛ تربطه عقدة مسيحية وثيقة"(٥٧) وبعثت إليه بأغان بلغ عددها ١٤٣ أغنية كلها طيبة ولكن الإهمال باد فيها؛ ورد عليها بأغان تفيض إعجاباً وإخلاصاً ولكن الغرور الأدبي يفسدها ويشوهها. وكانا إذا التقيا يتحدثان عن الفن والدين، ولعلها كانت تعترف له بعطفها على الرجال الذين كانوا يحاولون إصلاح الكنيسة. وكان تأثيرها فيه قوياً عميقا، فقد بدا له أن أجمل ما في الحياة من عناصر روحية قد اجتمعت كلها في تقواها، وحنانها، وإخلاصها. وكان بعض