للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما يظن البعض، وجه ميكل أنجيلو نفسه، وكثيراً ما كان الفنان في تلك المرحلة من العمر يفكر في آلام المسيح.

وكان دينه في جوهره هو دين أهل العصور الوسطى، يخلع عليه التصوف كثيراً من الكآبة والتنبؤ بالمستقبل، والتفكير في الموت وعذاب النار، ولم يكن يشارك ليوناردو في تشككه، أو رافائيل المرح في استهتاره وعدم مبالاته، وكانت أحب الكتب إليه الكتاب المقدس وكتاب دانتي، وقد أخذ شعره في أخريات حياته يدور أكثر فأكثر حول الأمور الدينية:

الآن وصلت حياتي مختارا بحرا عاصفاً

كأنها زورق هش ضعيف، إلى المرفأ الواسع

الذي يأمر الناس جميعاً بالدخول فيه قبل أن يحل يوم الحساب الأخير

فيحاسب الناس على ما كسبت أيديهم من خير وشر ويجزون عليه الجزاء الأوفى.

ولقد عرفت الآن حق المعرفة أن ذلك الوهم

الذي استحوذ على قلبي وجعلني عبدا خاشعاً للفن الأرضي

إنما هو لهو عبث باطل. ألا ما أشد إثم

ذلك الشيء الذي يطلبه الناس جميعاً ويتلهفون عليه!

وأفكار الحب التي صورت في ثياب لا تكاد تستر الجسم

ما قيمها حين يقترب منا الموت المزدوج

فهو موتان موت أعلمه عن يقين وآخر أرهبه.

فلا التصوير ولا النحت بقادر الآن على أن يريح نفسي

التي تتوجه إلى حبه العظيم في عليائه

ذلك الذي يبسط ذراعيه على الصليب ليضمنا إليه (٥٨).

وأخذ الشاعر الشيخ يلوم نفسه على ما كتب في السنين الخوالي من أغاني في العشق. ولكن يلوح أن هذه الأغاني لم تكن تنفيساً عن شهوة جسمية