للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بأن يشاد "فانوس" (أي قبة صغرى ذات واجهة مفتوحة) يعلو تسعا وستين قدماُ فوق القبة الرئيسية وأن ينشأ فوقها صليب يعلو عن هذا الفانوس اثنتين وثلاثين قدماً يكون ذروة ذلك الصرح الفخم العظيم الذي يصل بأجمعه إلى ارتفاع ٤٣٥ قدماً، ذلك هو مشروع القبة، أما القبة التي يمكن أن نقارنها بها والتي شادها برونيسكو فوق كنيسة فلورنس الكبرى، والتي وصف ميكل أنجيلو جمالها بأنه جمال لا يفوقه سواه، فقد كانت تبلغ ١٣٨ قدماً ونصف قدم في العرض و ١٣٣ قدماً في ارتفاعها هي نفسها و ٣٠٠ قدم من سطح الأرض إلى قمة البناء و ٣٥١ قدماً بما فيها الفانوس، وكانت هاتان القبتان أعظم ما شيد من الصروح جرأة في تاريخ عمارة النهضة.

وحاء بيوس الرابع في عام ١٥٦٩ بعد بولس الرابع، وسعى أعداء الفنان الجبار مرة أخرى لكي يحلوا محله، وكان قد أنهكه النزاع وتبادل التهم، فقدم استقالته من منصبه (١٥٦٠)، ولكن البابا رفض قبولها، وظل ميكل أنجيلو كبير المهندسين في كنيسة القديس بطرس إلى يوم وفاته، وتبين بعدئذ أن ناقديه لم يكونوا مخطئين في كل ما وجهوه إليه من نقد، ذلك أنه في فن العمارة فلما كان يعنى بوضع خططه على الورق، وقلما كان يفضي بها إلى أصدقائه، بل كل ما كان يفعله أن يضع تصميم كل جزء من أجزاء البناء كلما قرب وقت إقامته، وكان شأنه فيما كان يقوم به من أعمال النحت، فكثيراً ما كان يهاجم كتلة الرخام دون أي استعداد سابق أكثر من وجود فكرة في رأسه، ولما مات لم يخلف وراءه خططاً أو نماذج محددة لأي جزء من البناء غير القبة وحدها، ولهذا كان من خلفوه أحراراً في اتباع أفكارهم هم أنسفهم، فبدلوا فكرته وفكرة برامنتي الأساسية- فكرة الصليب اليوناني- وأحلوا محلها فكرة الصليب اللاتيني بأن زادوا في طول جناح الكنيسة الشرقي وأقاموا واجهة عالية أمامه حجبت السقف المقبب عن الأنظار