من هذه الناحية إلا إذا نظر إليها من بعد ربع ميل، وكان جزء البناء الوحيد الذي اتبعت فيه خطة أنجيلو هو هذا السقف المقبب نفسه، فقد نفذه جياكومو دلا بورتا عام ١٥٨٨ كما وضعه أنجيلو دون تغيير هام، وما من شك في أن هذا البناء أفخم الأبنية في روما وأبهاها منظراً، فهو يعلو في منحنيات رائعة من أسفل قاعدته على التل إلى الفانوس القائم أعلاه، ويتوج في جلال الربعة التي في أسفله، ويضفي على العمد ذات الطراز القديم، والعمد المربوعة، وطيلات العمد، والقواصر وحدة شاملة تضارع في بهائها أي صرح معروف في العالم القديم، وفيها أيضا حاولت المسيحية أن توفق بينها وبين العالم القديم، فقد وضع بيت عبادة المسيح قبة البانثيون (التي يبلغ اتساعها ١٤٢ قدماً وارتفاعها بأكمله ١٤٢) فوق باسلقا قسطنطين كما أقسم برامنتي أن يفعل، ولم يجبن عن أن يعلو بالعمد القديمة ذلك العلو الشامخ الذي لا نظير له في سجلات التاريخ القديم.
ولم ينقطع ميكل أنجيلو عن العمل حتى بلغ التاسعة والثمانين من عمره، من ذلك أنه حول جزءا من حمامات دقلديانوس في عام ١٥٦٣ إلى كنيسة سانتا ماريا دجلي أنجيلي وديرها استجابة لطلب بيوس الرابع، ثم وضع تصميم بورتا بيا Porta pia أحد أبواب المدينة، ووضع الفلورنسيين المقيمين في روما نموذجاً لكنيسة، قال عنه فاساري، ولعله كان مدفوعاً في ذلك بتحمسه الشديد إلى أستاذه وصديقه الشيخ، إنه "أجمل ما وقعت عليه عين إنسان"(٦٢). لكن أموال الفلورنسيين في روما نفذت فلم يقم البناء.
وخارت قوة الفنان الجبار في آخر الأمر، وكانت قوة لا يكاد يصدق الإنسان وجودها فيه، وكان وهو في الثالثة والسبعين من عمره قد بدأ يشكو من داء الحصوة، ويلوح أنه قد وجد ما يخفف علته في بعض الأدوية أو المياه المعدنية، ولكنه قال:"إني أؤمن بالصلاة والدعاء أكثر مما أؤمن بالدواء"، وكتب بعد اثني عشر عاماً إلى ابن أخ له يقول: "أما إذا سألتني