وموسيقاها، وآدابها، وعلومها، وفلسفتها في أيام لوثر. وسنحاول في الكتاب الخامس أن نضع أنفسنا في موضع الكنيسة فننظر إلى الإصلاح الديني كما تنظر إليه-هي-وقد حاق بها الخطر، فلا نجد مناصاً من الإعجاب بالطريقة التي اجتازت بها العاصفة المحيطة بها في جرأة وهدوء. ثم نختتم الكتاب بخاتمة موجزة نحاول فيها أن ننظر إلى النهضة والإصلاح الديني، والمذهب الكاثوليكي، والاستنارة نظرة شاملة في ضوء التاريخ الحديث والأفكار الحديثة.
ذلك موضوع ممتع رائع ولكنه موضوع شائك، لأننا لا نكاد نكتب فيه كلمة لا تثير الجدل أو الامتعاض. ولقد حاولت أن أقف موقف الكاتب غير المتحيز، وإن كنت لا أنكر إن ماضي الشخص يلون آراءه على الدوام، وإن لا شيء يضايق الإنسان أكثر من عدم تحيزه. ومن واجبي أن أنبه القارئ من بداية الأمر أني قد نشأت نشأة الكاثوليكي المتحمس لمذهبه، وأني لا أزال أحتفظ بذكريات طيبة خليقة بالحمد لرجال الدين المخلصين ولليسوعيين العالميين، وللراهبات المشفقات اللائي تحملنني كثيراً في طيش الشباب، ولكن على القارئ أيضاً أن يذكر أنني حصلت على جزء كبير من تعليمي خلال محاضراتي التي ألقيتها مدى ثلاثة عشر عاماً في كنيسة مسيحية Presbyterion Church تحت رجال من البروتستنت الخلص المتسامحين مثال يوناتان داي، وولين ادامز براون، وهنري سلون كفن، وادمن تشافي، وأن كثيرين من الرجال المخلصين الذين كانوا يستمعون إلى محاضراتي في تلك الكنيسة المسيحية كانوا يهوداً أوتوا من التعطش للعلم والفهم ما جعلني أنظر إلى بني ملتهم نظرة نافذة جديدة. ولهذا فإنه إنه ذا كان بين الناس من يجدون مبرراً للتحيز في أحكامهم، فإني أنا أقلهم عذراً من هذه الناحية، وأني لا أشعر نحو جميع الأديان بذلك العطف الصادق الذي يمتلئ به قلب من عرف أن الأيمان بالعقل نفسه إنما هو إيمان مزعزع،