للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طوالاً يعيش من أموال الكنيسة التي لم تكن تتطلب منه إلا القليل من الأعمال التي تحول بينه وبين أعماله العلمية (٣٥).

ولم يكن هذا التعدد في المناصب أخطر التهم التي وجهت للكنيسة بل كان أخطر منه ما اتهم به رجال الدين من فساد في الأخلاق. وها هو ذا واحد منهم هو أسقف تورشيلو (١٤٥٨) يقول: أن أخلاق رجال الدين فاسدة يشمئز منها العلمانيون (٣٦). وأصبح المنتمون إلى طوائف الرهبان الأربع التي أسست في القرن الثالث عشر-وهي طوائف الفرانشيسكان والدمنيك ورهبان الكرمل، والاوغسطينيين أصبح المنتمون إلى هذه الطوائف كلها ما عدا الأخيرة منها مستهترين في أخلاقهم شديدي الاستخفاف بما يتطلبه مركزهم من تقى وحسن نظام. وقد تبين أن قواعد الأديرة التي وضعها منشئوها الأولون المتحمسون أشد مما تطيقه الطبيعة البشرية التي أخذت تتحرر شيئاً فشيئاً من مخاوف ما وراء الطبيعة. وإذ كان آلاف الرهبان والإخوان قد استغنوا عن العمل اليدوي بفضل ما تجمع لهم من المال الكثير، فقد أهمل هؤلاء الخدمات الدينية وخرجوا من صوامعهم يجسون خلال الديار، ويتعاطون الخمور في الحانات ويتخذون لهم عشيقات. وها هو ذا راهب من الدمنيك يدعى جون بروميارد من رهبان القرن الرابع عشر يقوله عن إخوانه الرهبان:

إن أولئك الذين من واجبهم أن يكونوا آباء للفقراء … يشتهون ألذ الطعام، ويستمتعون بنوم الضحى … ويمنون على الناس بحضورهم صلاة الصباح أو القداس … وتراهم منهمكين في الطعام والشراب إذا لم نقل في الدنس والأقذار، حتى لقد أصبحت مجامع رجال الدين مواخير للفجار ومجتمعات من مهرجين (٣٧).

وكرر أرازمس تلك التهمة نفسها بعد مائة عام من ذلك الوقت فقال: "إن كثيراً من أديرة الرجال والنساء قلما تختلف عن المواخير العامة (٣٩) ".