للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولسنا ننكر أن بترارك قد رسم صورة طيبة لما كان يسود دير الكرثوذيين الذي كان أخوه يعيش فيه من حسن نظام وتقى وأن كثيراً من الأديرة في هولندا وغربي ألمانيا قد احتفظت بروح الدرس والصلاح التي تألفت على أساسها "طائفة إخوان الحياة العامة" وصدر منها كتاب التشبه بالمسيح، ولكن نيوهانز تريتميوس، ينس وايرسينهايم (حوالي ١٤٩٠) قد ندد برهبان هذا الجزء من ألمانيا المحيط بنهر الراين تنديداً عنيفاً أشد العنف فقال:

إن هؤلاء الرجال لا يبالون بالأيمان الدينية التي أقسموها .. فإنهم لم يعدوا قط بأن يبروا بها … فهم يقضون النهار كله في الحديث القذر ويقضون وقتهم كله في اللعب والتهام الطعام .. وإذا كانوا يمتلكون ثروة خاصة طائلة .. فإن كل واحد منهم يعيش في مسكن خاص به .. وليس فيهم من يهاب الله قط أو يحبه. ولا يفكرون قط في الحياة الآخرة ويؤثرون شهواتهم البدنية على مطالب الروح .. ويحتقرون ما أقسموا عليه من التزام الفقر ويجهلون يمين العفة وينقضون يمين الطاعة .. وإن رائحة أقذارهم لتحيط بهم من كل الجوانب (٤١).

ولما أرسل جاي جوينو من قبل البابا لإصلاح أديرة البندكتيين في فرنسا كتب بعد عودته تقريراً يبعث الغم والاكتئاب في النفوس (١٥٠٣) قال فيه إن كثيراً من الرهبان يلعبون الميسر ويكثرون من السباب، وترددون على الحانات، ويتسلحون بالسيوف، ويجمعون الأموال "ويحبون حياة السكيرين"، وهم أكثر تعلقاً بالدنيا من رجال الدنيا أنفسهم .. ولو أنني أردت أن أقص كل ما وقعت عليه عيناي لملأت بذلك صحفاً طوالاً (٤٢). وقد كانت نتيجة الفوضى المضطرة النماء في الأديرة أن أهمل الكثير أعمال الصدقات والخدمة في المستشفيات والقيام بشؤون التعليم وهي الأعمال العظيمة الخليقة بالإعجاب التي اغستحقوا من أجلها ثقة الناس وتأييدهم (٤٣). ويقول البابا ليو العشر (١٥١٦) "لقد وصل اضطراب الأمور في أديرة