للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولهذا كله رفع الناس عقيرتهم في جميع أنحاء العالم المسيحي اللاتيني مطالبين بإصلاح "الكنيسة إصلاحاً يشمل رأسها وأعضاءها جميعاً". وكان الإيطاليون المتحمسون الثائرون أمثال البريشيائي ويواقم الفلوري، وسفنرولا الفلورنسي قد هاجموا مساوئ الكنيسة دون أن يخرجوا على المذهب الكاثوليكي ولكن اثنين منهم مع ذلك قد حرقوا وهم على قيد الحياة، غير أن الكاثوليك الصالحين ظلوا يأملون أن يتم الإصلاح على يد أبناء الكنيسة المخلصين الموالين لها وكان الكتاب الإنسانيون أمثال أرازمس، وكوليت، ومور، وبوديه يخشون ما يحدثه الهجوم العلني على الكنيسة من اضطراب أمورها واختلال نظامها، فقد كفاها ضعفاً أن ظلت الكنيسة اليونانية بعيدة عن الكنيسة الرومانية مصممة على هذا البعد كل التصميم، وكان كل تمزق في "ثوب المسيح الذي لادرز فيه يهدد كيان العالم المسيحي نفسه بالفناء وكم من مرة حاولت الكنسية مخلصة في معظم الأحوال أن تطهر صفوفها ومحاكمها وأن تسلك في شؤونها المالية مسلكاً يتفق مع الخلق الطيب ويسمو على أخلاق غير رجال الدين في تلك الأيام. ولطالما حاولت الأديرة أن تعود إلى قواعد نسكها القديم ولكن طبيعة الإنسان كانت تنقص كل ما يوضع من الدساتير وحاولت المجالس إصلاح الكنيسة ولكن البابوات عارضوها فأخفقت في أغراضها، وحاول البابوات أنفسهم أن يقوموا بذلك الإصلاح ولكن الكرادلة ورجال الإدارة البابوية هزموا أولئك البابوات ولقد شكا ليو العاشر نفسه في عام ١٥١٦ والحسرة تملأ قلبه من إخفاق هذه المحاولات ولسنا ننكر أن بعض المستنيرين من رجال الكنيسة أمثال نقولاس الكوزائي قد حققوا بعض الإصلاحات المحلية، ولكن هذه الإصلاحات نفسها كانت قصيرة الأجل. وأثار التنديد بمعايب الكنيسة والتشنيع عليها من أعدائها ومحبيها على السواء، ثائرة المدارس واضطربت له المنابر وفاضت به كتب