الكنيسة وكان التقاضي أمام محكمة كنسية وقال منذراً إنه إذا لم يخضع رجال الدين للمحاكم الزمنية فسيثور الناس على الكنيسة في ألمانيا ثورة عاصفة (٦٤)، وجدير بنا أن نقول إن هذه الثورة كانت قد قامت بالفعل قبل ذلك الوقت. وكان من الشكاوى الأخرى ابتعاد الدين عن الأخلاق الكريمة وتوكيد العقيدة والإيمان بدلاً من توكيد المسلك الطيب، (وإن كان المصلحون من هذه الناحية أشد إثماً من الكنيسة نفسها) وجعل الدين مقصوراً على المراسم والطقوس، والتعطل العديم النفع والعقم المظنون بين الرهبان، واستغلال سذاجة الشعب بعرض المخلفات الزائفة والمعجزات الكاذبة وسوء استخدام الحرمان الديني واللعنة الدينية والرقابة التي يفرضها الكهنة على المطبوعات والتجاء محكمة التفتيش إلى أشد ضروب القسوة والتجسس على الناس وسوء استخدام الأموال التي جمعت لإعداد الحملات الصليبية على الأتراك وتوجيهها إلى أغراض أخرى، ومطالبة الكهنة المنحطين إلى هذا الدرك الأسفل بأن يكون لهم وحدهم حق القيام بجميع المراسم الدينية وتقديم القرابين ما عدا عملية التعميد.
وقد تجمعت كل هذه العوامل السالفة الذكر فكانت سبباً في ابتعاد أوربا عن الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في بداية القرن السادس. ويقول باستور في ذلك "إن احتقار غير رجال الدين وكراهيتهم للكهنة الفاسدين كان من أقوى العوامل في مروق الكثيرين من الدين (٦٥) " وشكا أحد أساقفة لندن في عام ١٥١٥ من أن الناس يميلون إلى الإلحاد ميلاً بلغ من سوء العاقبة والانحطاط حداً جعلهم .. ينددون بكل رجل من رجال الدين وإن لم يكن يقل طهراً وبراءة عن هابيل" (٦٦) وها هو ذا ارازمس نفسه يقول إن لقب قس أو كاهن أو راهب أصبح يعد من أشد الإهانات (٧٦) وفي مدينة فيينا أصبح منصب القس في العشرين سنة السابقة على الإصلاح لا يجد من يشغله مع أنه كان قبل ذلك الوقت خير ما يرغب فيه الأهلون (٦٨).