المال لا العمل الصالح هو الغاية المقصودة من الغفران ولسنا ننكر أن العبارات التي صيغت فيها قرارات البابوية يخيل إلى الإنسان معها أنها لا تحيد مطلقاً عن عقائد الكنيسة وإن الاعتراف والندم والأعمال الصالحة المنصوص عليها في هذه العقائد هي الشرط الأساسي لنيل المغفرة، إلا أن الجانب المالي كان يبدو واضحاً في جميع الأحوال وكان للهبات المالية المقام الأول في هذا الأمر كله مما يسربل الكنيسة بالعار ويجعلها مضغة في الأفواه. اتخذت صكوك الغفران شيئاً فشيئاً صورة الصفقات المالية، وأدى هذا إلى كثير من النزاع بين السلطات الزمنية التي كانت تتطلب على الدوام حظها من هذه الموارد (٦٢).
ولا يقل عن بيع صكوك الغفران دلالة على حب الكنيسة للمال قبولها أو طلبها المال أو الهبات أو الوصايا نظير تلاوة الأدعية والصلوات التي يقولون إنها تقصر المدة التي تقتضيها روح الميت في المطهر لتعاقب عن ذنوبها وكان الصالحون الأتقياء من الناس يخصصون من أموالهم جزءاً كبيراً لهذا الغرض لتنجو به روح قريب لهم أو ميت فارق الحياة الدنيا أو ليقصروا المدة هم أنفسهم في المطهر بعد موتهم أو يلغوها إلغاءً تاماً. ولهذا أخذ الفقراء يشكون من أن عجزهم عن أداء الأموال نظير الأدعية والصلوات أو لابتياع صكوك الغفران بجعل الأغنياء على الأرض لا الوادعين هم الذين يرثون ملكوت السموات، ولقد كان كوليس حصيفاً حين امتدح المال لأن "من يمتلك المال يستطيع نقل الأرواح إلى الجنة" كما قال (٦٣).
وازدادت الشكاوى من الكنيسة فبلغت ألفاً أو تزيد فقد غضب غير رجال الدين من إعفاء الكهنوت من الخضوع لقوانين الدولة ومن معاملة المحاكم الكنيسة للمذنبين من رجال الدين باللين الذي يعرض الدولة لأشد الأخطار. وها هو ذا مجلس نورنبرج يعلن في عام ١٥٢٢ أن المدعي من غير رجال الدين لا يمكن أن ينال العدالة إذا كان المدعي عليه من رجال