للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الملك، بمعاش مقداره عشرون مارك سنوياً. وكاد إدوارد كثير الرحلة مع حاشيته وأغلب الظن أن تشوسر كان يصحبه مستمتعاً بجمال إنجلترا وتزوج عام ١٣٦٦ فيليبا، إحدى وصيفات الملكة، وظل على خلاف معها حتى ماتت واستمر ريتشارد الثاني يجري عليه معاشاً، أضاف إليه جون أمير جونت، عشرة جنيهات كل سنة كما حصل على هبات أخرى من الطبقة العليا وهذا يفسر السبب الذي من اجله لم ينتبه تشوسر إلى الثورة الكبرى مع أنه كان خبيراً بالحياة.

وفي التقاليد الحسنة في تلك الأيام التي كلف الناس فيها بالشعر والفصاحة، أن يوفد الأدباء في مهام سياسية في الخارج. فانتدب تشوسر مع آخرين للمفاوضة على عقد اتفاقية تجارية في جنوة عام ١٣٧٢، كما ذهب عام ١٣٧٨، بصحبته سير إدوارد بيركلي، إلى ميلان. ومن يدري لعله لقي هناك بوكاشيو العليل، أو بترارك الطاعن في السن؟ ومهما يكن من شيء فقد كانت إيطاليا نقطة تحول في إلهامه. ذلك أنه رأى فيها الثقافة أكثر صقلاً وعلماً وبراعة من إنجلترا، وتعلم أن يحتفي بالآداب الكلاسية، وباللاتينية منها على وجه خاص، وتحول عن الثائر الفرنسي الذي صاغ قصائده الأولى، إلى الإيطالي في الأفكار، وقوالب النظم والموضوعات. حتى إذا عاد إلى موطنه، وإلى مشاهده وشخصياته، كان قد أصبح فناناً بارعاً، ومفكراً ناضجاً.

وما من امرئ في إنجلترا وقت ذاك استطاع أن يكسب عيشه من القريض، ونحن نعتقد أن معاش تشوسر قد يسر له السكن والغذاء والكساء، ذلك أن مجموع ما حصل عليه عام ١٣٧٨، كان قريباً من عشرة آلاف دولار بالحساب النقدي في أيامنا، يضاف إلى ذلك المعاش الذي كانت تحصل عليه زوجته من جون اوف جونت ومن الملك. ومهما يكن من شيء فقد أحس تشوسر الحاجة إلى استكمال دخله بالتعيين في مناصب حكومية